من عجائب ما كنّا لا نعرف، وصرنا
نعرف، أن للحجاب في تونس صفة رسمية أنه “زي طائفي دخيل”، والمعلوم أنه على
الرغم من وجود بضعة آلاف من اليهود في بلدان المغرب العربي، فإنه يصعب
الحديث في أي منها عن طوائف أو طائفية، وإذ لا أحد عاقلاً أم غير عاقل في
أي بلد عربي يرى الحجاب دخيلاً فإن انفراد سلطات تونس بخلع هذه الصفة عليه
مضحك، وربما يعود إلى شيء من نرجسية ساذجة، قد يحسب للحبيب بورقيبة أنه في
زمن مضى أعطاها محتوى يمكن الأخذ والعطاء معه، على غير الذي نقرأه حالياً
في جرائد التطبيل التونسية لكل ما هو حكومي، وهي تشير إلى زيادة إقبال
التونسيات على ارتداء “الجلابيب الطائفية الغريبة”، بحسب تعبير إحداها،
وتجمع على أن “مآرب سياسية لم تعد خافية” وراء الدعوة إلى ارتداء الحجاب،
حيث “تونس منارة للعلم والحداثة ومدرسة للتنوير وليست كما طهران أو
كابول”، بحسب معلق لم يضع اسمه على ما كتب.
نقرأ
في رواية “ثلج” للفائز بجائزة نوبل للآداب الخميس الماضي التركي أورهان
باموق عن شابات في بلدة نائية ينتحرن بعد منعهن من ارتداء الحجاب، ولا
نشتهي ذلك لأي أخت في تونس أو غيرها. ونقرأ تصريحات لرموز في السلطة هناك
يخوضون “المعركة” ضد الحجاب باعتبارها بين التنوير والظلامية، ومن ذلك قول
وزير عن خطر يشكله “الزي المتعصب والدخيل” على تونس وثقافتها وتقاليدها،
ودعوة مسؤول في الحزب الدستوري الديمقراطي (الحاكم) إلى “تعبئة شاملة” في
الدولة، لأن السماح للحجاب قد يتسبب في “تقهقهر حقيقي والنيل من أبرز
معطيات استقرار المجتمع وتقدم الشعب وحصانة البلاد”.
نقرأ
ذلك وغيره، فندعو لتونس في العشر الأواخر من رمضان، حيث الدعاء مستجاب إن
شاء الله، أن يحميها مما يأخذها إليه مثل هؤلاء، لاسيما وأن التلفزة
التونسية تحذر النساء من ارتداء الحجاب، وتصف من يفعلن ذلك بالانحراف عن
الصواب. ونقرأ أن المخافر يؤتى إليها بمحجبات، فيطلب منهن تعرية الرأس
وتوقيع تعهد بعدم ارتداء الحجاب، وأن مؤسسات تعليمية تمنع محجبات من
مزاولة دروسهن، وإن شهودا تحدثوا عن إزالة رجال شرطة في زي مدني حجاب نساء
قسرا أمام الملأ.
لنرم جانبا قول
الناطق باسم الرئاسة التونسية أن بلاده لا تقبل دروساً من أحد، فلا وصف
لما يحدث غير أنه مهزلة وتصعيد جديدان في استعصاء الحكم على انفتاح جدّي
بشأن الحريات العامة والفردية.
أما عن
المرسوم إياه الذي يحظر دخول المحجبات الجامعات والأماكن العامة والدوائر
الحكومية فالدرس يصير واجباً هذه المرّة بأن الأنفع إلغاؤه أو تناسيه، لأن
الحرب الراهنة ضد الحجاب تنعش الحركة الإسلامية في تونس، وقد تنذر بتجدد
صراعها مع السلطة، وهذا مما لا نحب لتونس وشعبها وقيادتها.
معن بياري
صحيفة الخليج
نعرف، أن للحجاب في تونس صفة رسمية أنه “زي طائفي دخيل”، والمعلوم أنه على
الرغم من وجود بضعة آلاف من اليهود في بلدان المغرب العربي، فإنه يصعب
الحديث في أي منها عن طوائف أو طائفية، وإذ لا أحد عاقلاً أم غير عاقل في
أي بلد عربي يرى الحجاب دخيلاً فإن انفراد سلطات تونس بخلع هذه الصفة عليه
مضحك، وربما يعود إلى شيء من نرجسية ساذجة، قد يحسب للحبيب بورقيبة أنه في
زمن مضى أعطاها محتوى يمكن الأخذ والعطاء معه، على غير الذي نقرأه حالياً
في جرائد التطبيل التونسية لكل ما هو حكومي، وهي تشير إلى زيادة إقبال
التونسيات على ارتداء “الجلابيب الطائفية الغريبة”، بحسب تعبير إحداها،
وتجمع على أن “مآرب سياسية لم تعد خافية” وراء الدعوة إلى ارتداء الحجاب،
حيث “تونس منارة للعلم والحداثة ومدرسة للتنوير وليست كما طهران أو
كابول”، بحسب معلق لم يضع اسمه على ما كتب.
نقرأ
في رواية “ثلج” للفائز بجائزة نوبل للآداب الخميس الماضي التركي أورهان
باموق عن شابات في بلدة نائية ينتحرن بعد منعهن من ارتداء الحجاب، ولا
نشتهي ذلك لأي أخت في تونس أو غيرها. ونقرأ تصريحات لرموز في السلطة هناك
يخوضون “المعركة” ضد الحجاب باعتبارها بين التنوير والظلامية، ومن ذلك قول
وزير عن خطر يشكله “الزي المتعصب والدخيل” على تونس وثقافتها وتقاليدها،
ودعوة مسؤول في الحزب الدستوري الديمقراطي (الحاكم) إلى “تعبئة شاملة” في
الدولة، لأن السماح للحجاب قد يتسبب في “تقهقهر حقيقي والنيل من أبرز
معطيات استقرار المجتمع وتقدم الشعب وحصانة البلاد”.
نقرأ
ذلك وغيره، فندعو لتونس في العشر الأواخر من رمضان، حيث الدعاء مستجاب إن
شاء الله، أن يحميها مما يأخذها إليه مثل هؤلاء، لاسيما وأن التلفزة
التونسية تحذر النساء من ارتداء الحجاب، وتصف من يفعلن ذلك بالانحراف عن
الصواب. ونقرأ أن المخافر يؤتى إليها بمحجبات، فيطلب منهن تعرية الرأس
وتوقيع تعهد بعدم ارتداء الحجاب، وأن مؤسسات تعليمية تمنع محجبات من
مزاولة دروسهن، وإن شهودا تحدثوا عن إزالة رجال شرطة في زي مدني حجاب نساء
قسرا أمام الملأ.
لنرم جانبا قول
الناطق باسم الرئاسة التونسية أن بلاده لا تقبل دروساً من أحد، فلا وصف
لما يحدث غير أنه مهزلة وتصعيد جديدان في استعصاء الحكم على انفتاح جدّي
بشأن الحريات العامة والفردية.
أما عن
المرسوم إياه الذي يحظر دخول المحجبات الجامعات والأماكن العامة والدوائر
الحكومية فالدرس يصير واجباً هذه المرّة بأن الأنفع إلغاؤه أو تناسيه، لأن
الحرب الراهنة ضد الحجاب تنعش الحركة الإسلامية في تونس، وقد تنذر بتجدد
صراعها مع السلطة، وهذا مما لا نحب لتونس وشعبها وقيادتها.
معن بياري
صحيفة الخليج