بسم الله الرحمان الرحيم
الصدق في جميع أمور الحياة مبدأ أساسي حثت عليه الشريعة الإسلامية ولقد أثبتت أخر الدراسات النفسية أن التربية الصحية للأبناء هي التي تقوم على عدم
التناقص بين ما يقوله لهم الوالدين و بنصائحهما وبين الأفعال الحقيقية الوالدين .. لأن التناقص بين الأقوال والأفعال من شأنه أن يفقد الأبناء الثقة في الوالدين ويصيبهم كذلك بالاضطراب النفسى وعدم القدرة على التميز والحكم على الأمور.
أساتذة علم الاجتماع يؤكدون على أنه في مرحلة الطفولة المبكرة دائما ما يقوم الطفل بعقد مقارنه بين ما يقال له من قبل والديه له وبين سلوكهما الفعلي ، فإذا لاحظ الطفل وجود تناقص بين ما يقال له وما يتم فعله فانه يصاب بحالة من الاضطراب النفسي والتمزق ، ويفقد كذلك القدرة على التميز بين ما هو صحيح وما هو خطأ.. ومن هنا فان على الوالدين مراعاة اتفاق أوالهما مع أفعالهما ، خاصة في هذا العصر الذي يتم فيه الطفل بنسبة ذكاء عالية جدا تمكنه من الملاحظة الدقيقة وعقد مقارنة بين الأقوال والأفعال ومدى التطابق بينهما ثم يقوم من خلال النتائج التي يصل إليها بعمل نموذج خاص به للمثل والأخلاقيات التي سوف يلتزم بها في حياته .
و على الوالدين أيضا أن يقوما بوضع حد فاصل للقيم فالكذب هو الكذب ولا توجد له درجات أو الألوان أو مبررات ، و الأمانة أمر لا بديل عنه تحت أي ظروف أو ضغوط و احترام الكبير وبره واجب ، والتفوه بالألفاظ السيئة مرفوض مع توضيح أهمية التزام الإنسان بالسلوك الحسن الطيب وكيف يقرب ذلك من المولى عز وجل.
وهنا يشير علماء الاجتماع إلى أن عملية إرهاب الطفل من عقاب الله عملية خاطئة وتأتى بنتائج عكسية تماما والأفضل أن نغرس في الطفل حب الله وان واجبه القيام بأفعال الخير والتي تقربه من الموالى وأنه حين يكون صادق ويقوم بفعل الخير فان الله سوف يحبه ويدخله الجنة . و في مرحلة الطفولة المبكرة وهناك أهمية قصوى لمعاقبة الطفل ومحاسبته على أي خطأ يقوم به لأن ترك الطفل بدون عقاب يجعله يكرر هذا الخطأ ويصبح هذا الأمر عادى بالنسبة له ولا يشعر أنه كان لا يجب إن يقوم به مع ملاحظة أهمية أن يعي الوالدين أن طفلهما ليس ملاك ولن يكون لذلك فانه يقع في الخطأ وإذ كانت المحاسبة مطلوبة فالعقاب يجب إن يبتعد عن العنف واستخدام الكلمات القياسية كذلك لابد من الابتعاد عن النصيحة الإلزامية الجافة ويمكن أن يتمثل العقاب في حرمان الطفل من أشياء يحبها كالذهاب للنادي أو مشاهدة التليفزيون أوحرمانه من المصروف لفترة وعدم شراء ما يحبه من الحلوى وما إلى ذلك .
ونظرا لأهمية التربية السليمة الصحيحة للأبناء وآثارها في حياة المجتمع الإسلامي فان الإسلام لم يترك تنظيم التربية للناس يصنعونها كيف يشاءون ويشرعونها كما يحلو لهم بل جعل التربية تقوم على مرتكزات عقائدية وعملية وسلوكية ولقد نبهت الشريعة الإسلامية إلى إن نشأة الأطفال في بيئة أسرية متوازنة مستقرة أهم عامل في التربية السليمة ويتأتى هذا من تطابق القول والفعل وتوافق إرشاد الوالدين لابنائهما مع السلوك الذي يقوما به فليس من المعقول أن يتفوها بالألفاظ القبيحة وينهيا أبنائهم عنها أو عن ارتكاب العادات القبيحة وهما يقوما بها وهذا كله محرم شرعا
ولرب الأسرة أهمية بالغة في حياة أسرته ووقتيها من حدوث عدم الاستقرار والتوازن وقد صور الإسلام رب الأسرة وموقعة من أسرته أحكم تصوير فكما في المأثور ( الشيخ في أهله كالنبي في أمته – أو قيل في قومه) أن عليه أن يرشدهم السبيل الصحيح ويحدثهم على الالتزام بكل أمر به المولى .. والحقيقة أن قوامة الرجل في بيته وكذلك تربية الأم لأبنائها يجب أن يتحقق فيها معنى القدوة الحسنة ،كما يجب أن تقوم على الصدق والمثابرة والمتابعة . إن مصداقية وموضوعية التربية للأبناء مسئولية وأمانة يسئل عنها الوالدين يوم القيامة (( كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته، والرجل في بيته راع مسئول عن رعيته )) ، والمسئولية هنا كاملة لا تقتصر على تغذية وستر الأبدان بل وتغذية العقول وتقويم السلوك وليس بمجرد الأقوال فقط بل بحسن الفعل فذلك أدعى للامتثال والالتزام والاقتناع من قبل الأبناء بكل ما يرشدهم إليه الوالدين ويجب إن نعلم أن الإسلام قد سبق وفاق النظم التربوية في التأديب العملي لأطفال اليوم وشباب الغد يجعل التوجيه الصادق متوافق مع تطبيق المؤدب ( الأب و ألام ) .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
عدل سابقا من قبل في الإثنين فبراير 18, 2008 6:44 am عدل 1 مرات