( جنة.. ونار) أيهما تختار؟!
مشهد عظيم.. يومٌ تشخص فيه الأبصار، وتبلغ القلوب الحناجر.. يوم يفر فيه المرءُ من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه.. وتقف البشرية كلها للحساب أمام العزيز الجبار.. ليأخذ كل إنسان كتابه: إما بيمينه، أو من وراء ظهره.. ثم يفوز بالجنة،، أو يُلقى بالنار... يقول العزيز في محكم التنزيل: "اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ" وقفة مع النفس:- ماذا أعددت لهذا الموعد... وبِمَ تزودت، وكم من خير وحسنِ ثواب وحسنات جمعت.. آهٍ آهٍ من قلة الزاد، وبعد السفر، ووحشة الطريق تزوّدْ من حياتك للمعاد ... وقمْ لله واجمعْ خير زاد ولا تركنْ إلى الدنيا كثيرا ... فإنّ المال يُجمع للنفاد أترضى أن تكون رفيق قوم ... لهم زاد وأنت بغير زاد؟! [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يقول الله عزّ وجلّ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ" اللهم الْطف.. اللهم الْطف بنا يا ربنا.. خذ نفساً... وتعال معي..! هل فكرت بمعاني هذه الآية العظيمة؟ وهل اقْتحمتْ معانيها أعماقك؟.. فوالله.. إنها لآية تستحق منا أن نقف عندها وقفة تفكر وتأمل طويل.. فهي بمثابة إنذار إلهي تنخلع له القلوب.. ومشهد عظيم تتفطر لهوله الأكباد... تلك الآية وآيات كثيرة غيرها تثير فينا أن نعمل ونكدّ ونتعب، ونعد ليوم الرحيل، يومٌ.. لا رجوع، لا ندم، لا حسرة.. رُفعتْ الأقلام وجفّتْ الصحف... وانقضى الأجل.. وراح وقت العمل.. قل لي... نحن ماذا نملك في هذه الدنيا.. وما الذي سنأخذه معنا إلى آخرتنا... والله لا شيء.. لا شيء سوى إيماننا بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله... نعم... إن الإيمان هو رصيدنا للآخرة، فلا نَحيى في هذه الدنيا سالمين إلا به.. ولا نسلم إلى الله يوم القيامة إلا بالعمل فيه في حياتنا هذه، فما غنيمة العبد من الدنيا الزائلة إلا سلعة غالية.. ألا إن سلعة الله غالية... ألا إن سلعة الله الجنة... إذا فلنحرص أن تكون أعمالنا كلها صالحة ترضي الله عزّ وجلّ، فتكون رصيدَنا في يوم لا ريب فيه.. ولنعبد الله ونخلص له، ولنزكي نفوسنا وأعمالنا وعباداتنا للواحد القهّار. وإليك هذه مني: "كن وَصيّاً على نفسك بالتقوى، واجعل من تقواك سلاحك الأقوى، واعمل بمحكم التنزيل، وارْضَ بما قسمه الله لك ولو بالقليل، وكن على أتم الاستعداد.. فإنه لا بد من قرين يدخل معك قبرك وهو حي، وتدخل معه وأنت ميت، فإن كان صالحاً أكرمك، وإن كان لئيماً خذلك، فاجعله صالحا، فإنه... عملك". وليكن شعارك.. اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا.. واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا وقفة أخرى مع النفس: أأدخل قبري فأكون ثابتاً عند السؤال، أم سيضيق القبر بي في ظلمة حالكة؟!؟!.. لكن.. إن اعتصمتُ بحبل عقيدتي في دنياي.. سأثبتُ بإذن الله ورحمته في وَحدة التراب، وأرى مقعدي في الجنان.. عند مليك حنّان.. ونبي شفيع كريم ذي امتنان... وإن بعدتُ عن الله وديني.. سيضيق قبري، وأرى مقعدي في نيران، شديدة الغيظ والاحتقان، من معصيتي لرب الأنام.. ونحن بإذنه لن نكون من أهلها.. وبعد... ما رأيك بما سمعت؟! فإنها لجنـــــةٌ أبدا.. أو لنــــــارٌ أبدا.. اللهم ثبتنا على دينك حتى نرتحل إلى جناتك العُلى.. فتستقبلنا الملائكةُ قائلة " سلامٌ عليكم طبتم فادخلوها خالدين " اللهم إنا نعوذ بك من أن نضل ونشقى ونرتحل إلى جهنم.. ويُقال لنا: " اخسؤوا فيها ولا تكلّمون " رحمـــــــــــاك ربـــــــــي رحمــــــــــا كــن مــع الله قلبـــــا وقالبــــــاً حتى تتبوأ في الآخرة خير منزلاً منقول |