يصيح البعض أنّنا دائماً ما تُرفع أكفّنا ضراعة لله، ولكنّ الاستجابة لا تأتي كما نريد ونطلب، بل إن البعض عادة ما يتخاذل عن الدعاء والإلحاح فيه ليأسه من الاستجابة.. ألم يسأل هؤلاء أنفسهم قبل كلّ ذلك: لماذا لا يستجيب الله لنا؟
الأكيد، والذي لا جدال فيه، هُو أن الدعاء مخّ العبادة، وهو بوابتنا للتنفيس والتخلّص من كُرب الدنيا ومساوئها، قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (60) سورة غافر. وقد روى الحاكم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يغني حذر من قدر والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة". وفيه أيضاً من حديث ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء". وفيه أيضاً من حديث ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يردّ القدر إلا الدعاء و لا يزيد في العمر إلا البر، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه".
ولكنّ، الذي يتناساه البعض أن الله لا يستجيب للعبد الذي لا يُخلص بعمله، بل أيضاً لا يعمل لله تعالى، فحتى وفي حياتنا اليومية نجد أنّ الشخص لا يمكن أن يقدم عملاً إلا وراء قناعة تامة أنّ عملهُ هذا سيُلاقي منه الجزاء في الدنيا أو الآخرة.
ولقد مر الإمام الحسن البصري على رجل يلعب بالحصى بيده ويدعو الله أن يرزقه الحور العين، فقال له: يا هذا، تدعو الله الحور العين وتلعب كما يلعب المجانين؟!
قال: إن هذا لمفهوم جديد علي، وأنا في اعتقادي أن الدعاء هو كل شيء. قلت: دعني أسألك، ولأكثر من خمسين سنة ونحن ندعو الله أن يحرر فلسطين، أو يخلصنا من أزمة اقتصادية، أو ينقذنا من تسلط الأعداء علينا، ولكن ما هو العمل أو الإنجاز الذي حققناه مقابل ذلك؟ فقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (7) سورة محمد. ولم يقل (إن تدعوا الله ينصركم) قال: وهل نلغي الدعاء؟ قلت: لا وألف لا.. ولكن الدعاء يأتي في المرتبة الثانية لا الأولى.
ولمْ يتركنا حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم من دون أن يؤدبنا ويدلنا على آداب الدعاء، فمن واجبات استجابة الدعاء هو تحري الحلال، أخرج الحافظ بن مردويه عن ابن عباس قال: تليت هذه الآية عند النبي صلى الله عليه وسلم: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً} (168) سورة البقرة، فقام سعد بن أبي وقاص فقال يا رسول الله: ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة فقال: "يا سعد، أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه أربعين يوماً، وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به". ولا ننسى استحباب استقبال القبلة عند الدعاء، فقد خرج النبي يستسقي فدعا واستسقى واستقبل القبلة. ولا ننسى كذلك أن يبدأ بحمد الله وتمجيده والثناء عليه، ويصلي على النبي، فالذي نعرفه أن الشخص يجتهد في الثناء على شخص يحتاجه في أمر، فما بالك برب الخلق؟ وأيضاً، من أسباب إجابة الدعاء أن يكون الداعي بريئاً من أيّ إثم أو قطيعة رحم، والأكدى والأهم عدم استبطاء الإجابة. لما رواه مالك عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول: دعوت فلم يستجب لي". وكذلك، الدعاء مع الجزم بالإجابة و تكرار الدعاء ثلاثاً. فعن عبدالله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه أن يدعو ثلاثاً ويستغفر ثلاثاً. رواه أبو داود.
أما بالنسبة للطريقة الأفضل، فرفع اليدين حذو المنكبين. لما رواه أبو داود عن ابن عباس قال: المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك، أو نحوهما، والاستغفار أن تشير بإصبع واحدة، والابتهال أن تمد يديك جميعاً، وروي عن مالك بن يسار أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها". وروي عن سلمان، أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين".
وفي النهاية، لا ننسى استحضار القلب والروح والخشوع والخشية بين يديّ الله تعالى.
الأكيد، والذي لا جدال فيه، هُو أن الدعاء مخّ العبادة، وهو بوابتنا للتنفيس والتخلّص من كُرب الدنيا ومساوئها، قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (60) سورة غافر. وقد روى الحاكم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يغني حذر من قدر والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة". وفيه أيضاً من حديث ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء". وفيه أيضاً من حديث ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يردّ القدر إلا الدعاء و لا يزيد في العمر إلا البر، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه".
ولكنّ، الذي يتناساه البعض أن الله لا يستجيب للعبد الذي لا يُخلص بعمله، بل أيضاً لا يعمل لله تعالى، فحتى وفي حياتنا اليومية نجد أنّ الشخص لا يمكن أن يقدم عملاً إلا وراء قناعة تامة أنّ عملهُ هذا سيُلاقي منه الجزاء في الدنيا أو الآخرة.
ولقد مر الإمام الحسن البصري على رجل يلعب بالحصى بيده ويدعو الله أن يرزقه الحور العين، فقال له: يا هذا، تدعو الله الحور العين وتلعب كما يلعب المجانين؟!
قال: إن هذا لمفهوم جديد علي، وأنا في اعتقادي أن الدعاء هو كل شيء. قلت: دعني أسألك، ولأكثر من خمسين سنة ونحن ندعو الله أن يحرر فلسطين، أو يخلصنا من أزمة اقتصادية، أو ينقذنا من تسلط الأعداء علينا، ولكن ما هو العمل أو الإنجاز الذي حققناه مقابل ذلك؟ فقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (7) سورة محمد. ولم يقل (إن تدعوا الله ينصركم) قال: وهل نلغي الدعاء؟ قلت: لا وألف لا.. ولكن الدعاء يأتي في المرتبة الثانية لا الأولى.
ولمْ يتركنا حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم من دون أن يؤدبنا ويدلنا على آداب الدعاء، فمن واجبات استجابة الدعاء هو تحري الحلال، أخرج الحافظ بن مردويه عن ابن عباس قال: تليت هذه الآية عند النبي صلى الله عليه وسلم: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً} (168) سورة البقرة، فقام سعد بن أبي وقاص فقال يا رسول الله: ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة فقال: "يا سعد، أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه أربعين يوماً، وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به". ولا ننسى استحباب استقبال القبلة عند الدعاء، فقد خرج النبي يستسقي فدعا واستسقى واستقبل القبلة. ولا ننسى كذلك أن يبدأ بحمد الله وتمجيده والثناء عليه، ويصلي على النبي، فالذي نعرفه أن الشخص يجتهد في الثناء على شخص يحتاجه في أمر، فما بالك برب الخلق؟ وأيضاً، من أسباب إجابة الدعاء أن يكون الداعي بريئاً من أيّ إثم أو قطيعة رحم، والأكدى والأهم عدم استبطاء الإجابة. لما رواه مالك عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول: دعوت فلم يستجب لي". وكذلك، الدعاء مع الجزم بالإجابة و تكرار الدعاء ثلاثاً. فعن عبدالله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه أن يدعو ثلاثاً ويستغفر ثلاثاً. رواه أبو داود.
أما بالنسبة للطريقة الأفضل، فرفع اليدين حذو المنكبين. لما رواه أبو داود عن ابن عباس قال: المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك، أو نحوهما، والاستغفار أن تشير بإصبع واحدة، والابتهال أن تمد يديك جميعاً، وروي عن مالك بن يسار أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها". وروي عن سلمان، أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين".
وفي النهاية، لا ننسى استحضار القلب والروح والخشوع والخشية بين يديّ الله تعالى.