هل أنت راضي عن رمضان الفائت ؟؟؟
حديثنا اليوم بمشيئة الله.. حديث القلوب المشتاقة
والنفوس الظمأى والأرواح المتلهفة.. حديث عن ضيف كريم ننتظره من العام إلى
العام إنه شهر رمضان المعظم، أعاده الله علينا وعلى الأمة الإسلامية
بالخير واليمن والبركات، شهر السعادة الحقيقية التي يشعر بها المسلمون في
بقاع الأرض جميعاً، تتحرر قلوبهم شهراً كاملاً تحلق في آفاق بلا حدود..
شريط ذكريات.... أرى القلب متحفزاً.. يسأل النفس قائلاً: هل أنت راضية عما
فعلته في رمضان الماضي؟ وهنا أجد النفس ترفع شعار «الصمت هو النجاة».!!
بأي حال نستقبلك يا رمضان؟ سؤال تتسابق فيه الهمم العالية والنفوس العظيمة... سؤال يحتاج لإعادة ترتيب البيت من الداخل!!
هيا.. أحسن استغلال الفرص واهتم بقلبك وفتش عن نواياك التي تحددها أهدافك.
من أي صنف أنت؟والناس أصناف أربعة أمام هذا الشهر الكريم..
- الصنف الأول: حديث الهداية وهذا أول رمضان بعد التدين.
ونصيحتي لهذا الصنف أن يلتهم هذا المقال ويعيه جيداً وينفذ ما به من تعليمات قدر المستطاع وليعلم هذا الصنف أن الأجر على قدر المشقة.
- الصنف الثاني: متدين منذ سنة أو سنتين أو ثلاثة.
والأصل في هذا الصنف أنه أصبح أكثر نضجاً وأداءً يزداد باستمرار.. وإني
أرجو هذا الصنف ألا يخيب ظني فيه وليعلم أن الوصول إلى القمة ليس أمراً
صعباً إنما الثبات على القمة والحفاظ عليها هو الصعب ذاته.
- الصنف الثالث: متدين منذ عشرات السنين.
هناك شكوى من هذا الصنف.. فلقد أصبح ديدنه الفتور وتحولت عنده العبادات
إلى عادات، نصيحتي لهذا الصنف نصيحة غالية ألا وهي: تعامل مع رمضان كأول
سنة هداية.. هيا جدد نيتك وحينها ستجد لرمضان في حياتك بصمة لا تمحى.
- الصنف الرابع: غير متدين.
ولهذا الصنف في قلبي همسة وكلمتان:
همسة... تخبره بأننا نحبه ونتمنى له الخير كل الخير وندعو الله له بأن يرده إلى دينه رداً جميلاً ويحبب إليه الإيمان ويزينه في قلبه.
وكلمة.... عنوانها «نقلة» فربما يكون هذا الشهر نقلة عظيمة في حياته.
وكلمة.... عنوانها « ثقة» ثقوا في أنفسكم... فأنتم لستم بأقل ممن يبكي من خشية الله.... أنتم لستم أقل ممن يحبون الله.
أحبتي الكرام.... من أي صنف أنتم؟ حددوا من الآن.. فمازالت أمامكم الفرصة
واعلموا أن أسرع طرق الوصول للغاية المرجوة الصدق مع النفس.. هيا ماذا
تنتظرون؟!
وأنا من هؤلاء....!!
أناس كثيرون كان بداية تدينهم في رمضان.. الكثير والكثير كان رمضان في
حياتهم محطة رئيسية انطلقوا منها إلى التدين وإلى حب الله.. وأنا شخصياً
واحد من هؤلاء... ومن هذا الإنسان الذي لا يتأثر وهو في أوقات ليست من
أوقات الدنيا....؟! أوقات يتشابه فيها الإنسان الأرضي بملائكة السماء.. جو
إيماني عظيم يتناثر شذاه على كل المخلوقات...
أين الهمة العالية التي تتقازم دونها الجبال؟ أين هذا الإنسان الذي اتضح له قيمة هذا الشهر فأعطي لقلبه الفرصة فنطق اللسان معبراً:
«أنا لها... أنا لها».
لا يأتي البيان بأوجز ولا أكمل من لفظها....!!
ولنسأل أنفسنا: لماذا فرض الله علينا الصيام؟ وما هو الهدف منه؟ هل فرضت
علينا هذه العبادة لنجوع ونعطش؟ وغيرها الكثير والكثير من الأسئلة...
فتأتي آية من القرآن تجيب على هذه التساؤلات وغيرها وهي آية نقرأها كثيراً
بل نحفظها عن ظهر قلب ولكن!! وما أدراك ما لكن!! يقول الله عز وجل {يا
أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم
تتقون}.
{لعلكم تتقون} يقول الرافعي في وحي القلم حول هذا المعنى «لا يأتي البيان
ولا العلم ولا الفلسفة بأوجز ولا أكمل من لفظها» حقاً.. فالتقوى هي
هدفنامن هذا الشهر الكريم.. فلتكن هذه نيتنا لنفوز بتقوى الله عز وجل..
وكأني أسمع البعض يقول: «منذ عشرين عاماً ونحن نصوم ونخرج من رمضان ولم
تُحقق هذه التقوى!!» أحبتي الكرام.. فلنترك الماضي ولننحيه جانباً ونعزم
عزماً أكيداً على الصيام بنية الوصول للتقوى.
حقاً... كثير منا من يصوم ولكن قليل القليل من يصوم بهذه النية.
تعريف شديد الوضوح:
إنه انتفض الآن.. وأعلن التخلي عن السلبية فالأمر خطير.. يقول: إن كلمة
التقوى كلمة متشعبة ولها معان كثيرة.. أرجوك حدد تعريفاً واضحاً للتقوى....
يا لسعادتي بهذا الرجل فهناك داء عضال قد اخترق عقولنا إنه داء السلبية هلا تعلمنا من هذا الرجل الذي هزمها فولت الأدبار....!!
حقاً.. للتقوى معانٍ كثيرة أشدها وضوحاً هذا التعريف:
«التقوى هي أن يجدك الله حيث أمرك ولا يجدك حيث نهاك»..خذوا وقتكم في
التكيف مع هذا المعنى والتفاعل معه.. أحبتي.. إن الله أمركم أن تصلوا
الفجر في المسجد فهل يجدكم الله حيث أمركم؟! يأمركم ببر الوالدين، بأداء
الأمانة، بالصدق، بالحجاب، وينهاكم عن إيذاء الآخرين، عن الكذب، عن
الخيانة.
أوامر ونواه كثيرة.. ترى أين نحن من هذه الأوامر والنواهي؟!
«سددوا وقاربوا....»
أحبتي الكرام.. إننا بشر ولن نستطيع تحقيق التقوى بنسبة 100% لذا «سددوا
وقاربوا» واتبعوا القاعدة الخالدة» {واتقوا الله ما استطعتم} واعلموا أن
«من يتحر الخير يعطه» فاليوم 60% تقوى وغداً 70% ثم 80% وهكذا.. أنت في
ازدياد.. أنت تقترب ومن اقترب كاد أن يصل وحينها يشعر الإنسان بما لا
يشعره الآخرون.. إن المشاعر المحسوسة تتجسد أمامه.. إنه يرى الرحمة
والمغفرة والعتق من النار.. حقاً إن التقوى سر من أسرار هذا الدين العظيم،
أحبتي الكرام..
هيا.. فباب الطاعة مفتوح على مصراعيه.
البكاء على الماضي أحياناً يجدي..!!
إن الذي سدد وقارب واجتهد وبذل.. سيكون بعد رمضان إنساناً آخر، إنساناً
يغلب عليه التقوى.. حريصاً على أن يجده الله حيث أمره ولا يجده حيث نهاه..
هذا الإنسان نبشره بأنه في الطريق الصحيح ونبشره أيضاً بأن هذه العلامات
هي علامات قبول العمل فهنيئاً له شهر رمضان..
أما التي خلعت الحجاب بعد رمضان!! وهذا الذي واصل التدخين فور انتهاء الشهر الكريم!! وهذا الذي ترك ارتياد المساجد!! وهذا....!!
أحبتي... فلنبك الآن على ما فعلناه في السنة الماضية عسى أن ينفعنا الندم
بتوبة صادقة نصوح.. ولنحمد الله على أننا مازلنا في أحضان شهر الرحمة
والمغفرة والعتق.. شهر التقوى.. اللهم بلغنا رمضان.
تُرى ما أحلامنا التي نريد أن تتحقق في هذا الشهر وما هي الكوابيس التي تحققت في الماضي ونستعيذ بالله منها في هذا الشهر...؟!
أشعر بك تقولين: حقاً إنها والله كوابيس ووالله لن أترك عبادة كنت أفعلها في رمضان بإذن الله.. يكفي ما حدث في رمضان الماضي..؟!
وهذا هو السر!!
ويسأل البعض مستفسراً.. ما السبب في تحقق التقوى في شهر رمضان؟
وما السبب الذي يجعلني تقياً؟ ما الذي يجعل الصيام يؤدي إلى التقوى؟....
ولهذه الاستفسارات هذا التوضيح:
إن الصيام يقوي في الإنسان أشياء ويُضعف فيه أشياء أخرى...
وهذا هو السر الذي يجعل الصيام طريقاً سهلاً ميسراً للتقوى.
فالصيام يضعف سيطرة البدن على الروح، فتتحرر الروح تلك النفحة العلوية
«فإذا سويته ونفخت فيه من روحي..» من براثن الجسد وحينئذ.. فالحصول على
التقوى أمر بسيط طالما سمت الروح فهي كلمة سر التقوى.. هي الباب الوحيد
الذي تدخل منه التقوى، فالصيام يحرر روحك من قيود جسدك وحينها تُحذف من
قاموسك كلمة «غافل» وكأن لسان حال القلب يقول «وانكسر القيد يا روح..
انطلقي واسبحي واقتربي من الله».
إنها المحرك الأساسي للسلوك الإنساني!!
والشيء الثاني الذي يضعفه الصيام أو قل يضبطه.. هو الشهوة.
يقول علماء النفس: «إن الشهوة هي المحرك الأساسي للسلوك الإنساني».
فيأتي الصيام فيضبط هذه الغريزة وينظمها وبها يصبح الإنسان على درب التقوى
مستقيماً، إن أقوى غريزة تؤثر في الإنسان هي غريزة الجنس إنها والله مشكلة
الشباب لكل عين تبصر حقيقة هذا الزمن وما آل إليه! هذا هو الحل بمنتهى
البساطة فما علينا إلا الصوم بنية تحقيق التقوى وبنية ألا نجعل للجسد سلطة
على الروح وبنية ضبط الشهوة.
أحبتي.. كونوا لرمضان نعم الجنود يكن لكم نعم القائد..
هام جداً جداً....
تحدثنا عن شيئين يقللهما ويضبطهما الصيام والآن
سنتحدث عن الأشياء التي يقويها الصيام، أول هذه الأشياء هو مجاهدة النفس
وهذه في حقيقة الأمر هامة جداً جداً فبها يُبنى كل شيء وبدونها يُهدم كل
شيء مجاهدة النفس، الإرادة، العزيمة، الإصرار، الهمة العالية..
كل هذه مترادفات لشيء يجعل هذا الإنسان الضعيف إنساناً قوياً لا يستسلم
إلا لله ولا يذل إلا لله، والصيام يعينك على ذلك فالإمساك بميعاد وكذلك
الإفطار وهناك ضبط للشهوة الحلال.
والشيء الثاني الذي يقويه الصيام هو صحبة الصالحين فضلاً عن تقوية
العلاقات الاجتماعية فالعائلة تجلس جميعها على طعام واحد في وقت واحد..
الوجوه تقبل على الوجوه وتبتسم لها.. تنظر العيون إلى العيون في حنو ورحمة
شهر التصحيح فهذا هو الأصل ولكن الدنيا قد شغلتنا وأصبحنا في مارثون لنأتي
بلقمة العيش ولا تجد للساعة فائدة إلا في العمل أما في أوقات صلة الرحم
والزيارات فالساعة تغط في النوم غطيطاً.. ترى أهي السبب أم نحن..؟!
أحبتي.. اهتموا في رمضان بصحبة الصالحين فهي طريقنا نحو التقوى «الإخلاء
يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين» هل من المعقول أن نحصل على التقوى ونحن
في صحبة الفاسدين.. الذين لا يعرفون حق الله..؟! إن صحبة المتدينين هي
الممر الأساسي والرئيسي للوصول إلى الفائدة المكتملة..
نصيحة للنساء:
أيتها الأخت الفاضلة لا تضيعي وقتك في الوقوف طوال
اليوم أمام ما لذ وطاب من الطعام.. أعرف أنك تريدين سعادة أبنائك وزوجك..
تعدين لهم أشهى المأكولات.. أختي الفاضلة لا يكن شعارك في رمضان أنه شهر
الطعام!! أرجوك قللي من كمية الأصناف حتى تستفيدي بوقتك فهذه الأوقات
غالية جداً فهل يرضيك أن تضيع أمام الطعام؟!
ثم من هو هذا البطل الذي يأكل كل هذه الأصناف الشهية ويستطيع بعدها الوقوف ناصباً قدميه في صلاة التراويح..؟!!
أيتها الأخت الفاضلة.. الحل في يديك أنت.. أنت الوحيدة التي تستطيعين وضع
الحل المناسب وأذكرك.. إننا في شهر القرآن.. شهر العبادة شهر نتفنن فيه في
إرضاء الله عز وجل لا في إرضاء المعدة..!!
حديثنا اليوم بمشيئة الله.. حديث القلوب المشتاقة
والنفوس الظمأى والأرواح المتلهفة.. حديث عن ضيف كريم ننتظره من العام إلى
العام إنه شهر رمضان المعظم، أعاده الله علينا وعلى الأمة الإسلامية
بالخير واليمن والبركات، شهر السعادة الحقيقية التي يشعر بها المسلمون في
بقاع الأرض جميعاً، تتحرر قلوبهم شهراً كاملاً تحلق في آفاق بلا حدود..
شريط ذكريات.... أرى القلب متحفزاً.. يسأل النفس قائلاً: هل أنت راضية عما
فعلته في رمضان الماضي؟ وهنا أجد النفس ترفع شعار «الصمت هو النجاة».!!
بأي حال نستقبلك يا رمضان؟ سؤال تتسابق فيه الهمم العالية والنفوس العظيمة... سؤال يحتاج لإعادة ترتيب البيت من الداخل!!
هيا.. أحسن استغلال الفرص واهتم بقلبك وفتش عن نواياك التي تحددها أهدافك.
من أي صنف أنت؟والناس أصناف أربعة أمام هذا الشهر الكريم..
- الصنف الأول: حديث الهداية وهذا أول رمضان بعد التدين.
ونصيحتي لهذا الصنف أن يلتهم هذا المقال ويعيه جيداً وينفذ ما به من تعليمات قدر المستطاع وليعلم هذا الصنف أن الأجر على قدر المشقة.
- الصنف الثاني: متدين منذ سنة أو سنتين أو ثلاثة.
والأصل في هذا الصنف أنه أصبح أكثر نضجاً وأداءً يزداد باستمرار.. وإني
أرجو هذا الصنف ألا يخيب ظني فيه وليعلم أن الوصول إلى القمة ليس أمراً
صعباً إنما الثبات على القمة والحفاظ عليها هو الصعب ذاته.
- الصنف الثالث: متدين منذ عشرات السنين.
هناك شكوى من هذا الصنف.. فلقد أصبح ديدنه الفتور وتحولت عنده العبادات
إلى عادات، نصيحتي لهذا الصنف نصيحة غالية ألا وهي: تعامل مع رمضان كأول
سنة هداية.. هيا جدد نيتك وحينها ستجد لرمضان في حياتك بصمة لا تمحى.
- الصنف الرابع: غير متدين.
ولهذا الصنف في قلبي همسة وكلمتان:
همسة... تخبره بأننا نحبه ونتمنى له الخير كل الخير وندعو الله له بأن يرده إلى دينه رداً جميلاً ويحبب إليه الإيمان ويزينه في قلبه.
وكلمة.... عنوانها «نقلة» فربما يكون هذا الشهر نقلة عظيمة في حياته.
وكلمة.... عنوانها « ثقة» ثقوا في أنفسكم... فأنتم لستم بأقل ممن يبكي من خشية الله.... أنتم لستم أقل ممن يحبون الله.
أحبتي الكرام.... من أي صنف أنتم؟ حددوا من الآن.. فمازالت أمامكم الفرصة
واعلموا أن أسرع طرق الوصول للغاية المرجوة الصدق مع النفس.. هيا ماذا
تنتظرون؟!
وأنا من هؤلاء....!!
أناس كثيرون كان بداية تدينهم في رمضان.. الكثير والكثير كان رمضان في
حياتهم محطة رئيسية انطلقوا منها إلى التدين وإلى حب الله.. وأنا شخصياً
واحد من هؤلاء... ومن هذا الإنسان الذي لا يتأثر وهو في أوقات ليست من
أوقات الدنيا....؟! أوقات يتشابه فيها الإنسان الأرضي بملائكة السماء.. جو
إيماني عظيم يتناثر شذاه على كل المخلوقات...
أين الهمة العالية التي تتقازم دونها الجبال؟ أين هذا الإنسان الذي اتضح له قيمة هذا الشهر فأعطي لقلبه الفرصة فنطق اللسان معبراً:
«أنا لها... أنا لها».
لا يأتي البيان بأوجز ولا أكمل من لفظها....!!
ولنسأل أنفسنا: لماذا فرض الله علينا الصيام؟ وما هو الهدف منه؟ هل فرضت
علينا هذه العبادة لنجوع ونعطش؟ وغيرها الكثير والكثير من الأسئلة...
فتأتي آية من القرآن تجيب على هذه التساؤلات وغيرها وهي آية نقرأها كثيراً
بل نحفظها عن ظهر قلب ولكن!! وما أدراك ما لكن!! يقول الله عز وجل {يا
أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم
تتقون}.
{لعلكم تتقون} يقول الرافعي في وحي القلم حول هذا المعنى «لا يأتي البيان
ولا العلم ولا الفلسفة بأوجز ولا أكمل من لفظها» حقاً.. فالتقوى هي
هدفنامن هذا الشهر الكريم.. فلتكن هذه نيتنا لنفوز بتقوى الله عز وجل..
وكأني أسمع البعض يقول: «منذ عشرين عاماً ونحن نصوم ونخرج من رمضان ولم
تُحقق هذه التقوى!!» أحبتي الكرام.. فلنترك الماضي ولننحيه جانباً ونعزم
عزماً أكيداً على الصيام بنية الوصول للتقوى.
حقاً... كثير منا من يصوم ولكن قليل القليل من يصوم بهذه النية.
تعريف شديد الوضوح:
إنه انتفض الآن.. وأعلن التخلي عن السلبية فالأمر خطير.. يقول: إن كلمة
التقوى كلمة متشعبة ولها معان كثيرة.. أرجوك حدد تعريفاً واضحاً للتقوى....
يا لسعادتي بهذا الرجل فهناك داء عضال قد اخترق عقولنا إنه داء السلبية هلا تعلمنا من هذا الرجل الذي هزمها فولت الأدبار....!!
حقاً.. للتقوى معانٍ كثيرة أشدها وضوحاً هذا التعريف:
«التقوى هي أن يجدك الله حيث أمرك ولا يجدك حيث نهاك»..خذوا وقتكم في
التكيف مع هذا المعنى والتفاعل معه.. أحبتي.. إن الله أمركم أن تصلوا
الفجر في المسجد فهل يجدكم الله حيث أمركم؟! يأمركم ببر الوالدين، بأداء
الأمانة، بالصدق، بالحجاب، وينهاكم عن إيذاء الآخرين، عن الكذب، عن
الخيانة.
أوامر ونواه كثيرة.. ترى أين نحن من هذه الأوامر والنواهي؟!
«سددوا وقاربوا....»
أحبتي الكرام.. إننا بشر ولن نستطيع تحقيق التقوى بنسبة 100% لذا «سددوا
وقاربوا» واتبعوا القاعدة الخالدة» {واتقوا الله ما استطعتم} واعلموا أن
«من يتحر الخير يعطه» فاليوم 60% تقوى وغداً 70% ثم 80% وهكذا.. أنت في
ازدياد.. أنت تقترب ومن اقترب كاد أن يصل وحينها يشعر الإنسان بما لا
يشعره الآخرون.. إن المشاعر المحسوسة تتجسد أمامه.. إنه يرى الرحمة
والمغفرة والعتق من النار.. حقاً إن التقوى سر من أسرار هذا الدين العظيم،
أحبتي الكرام..
هيا.. فباب الطاعة مفتوح على مصراعيه.
البكاء على الماضي أحياناً يجدي..!!
إن الذي سدد وقارب واجتهد وبذل.. سيكون بعد رمضان إنساناً آخر، إنساناً
يغلب عليه التقوى.. حريصاً على أن يجده الله حيث أمره ولا يجده حيث نهاه..
هذا الإنسان نبشره بأنه في الطريق الصحيح ونبشره أيضاً بأن هذه العلامات
هي علامات قبول العمل فهنيئاً له شهر رمضان..
أما التي خلعت الحجاب بعد رمضان!! وهذا الذي واصل التدخين فور انتهاء الشهر الكريم!! وهذا الذي ترك ارتياد المساجد!! وهذا....!!
أحبتي... فلنبك الآن على ما فعلناه في السنة الماضية عسى أن ينفعنا الندم
بتوبة صادقة نصوح.. ولنحمد الله على أننا مازلنا في أحضان شهر الرحمة
والمغفرة والعتق.. شهر التقوى.. اللهم بلغنا رمضان.
تُرى ما أحلامنا التي نريد أن تتحقق في هذا الشهر وما هي الكوابيس التي تحققت في الماضي ونستعيذ بالله منها في هذا الشهر...؟!
أشعر بك تقولين: حقاً إنها والله كوابيس ووالله لن أترك عبادة كنت أفعلها في رمضان بإذن الله.. يكفي ما حدث في رمضان الماضي..؟!
وهذا هو السر!!
ويسأل البعض مستفسراً.. ما السبب في تحقق التقوى في شهر رمضان؟
وما السبب الذي يجعلني تقياً؟ ما الذي يجعل الصيام يؤدي إلى التقوى؟....
ولهذه الاستفسارات هذا التوضيح:
إن الصيام يقوي في الإنسان أشياء ويُضعف فيه أشياء أخرى...
وهذا هو السر الذي يجعل الصيام طريقاً سهلاً ميسراً للتقوى.
فالصيام يضعف سيطرة البدن على الروح، فتتحرر الروح تلك النفحة العلوية
«فإذا سويته ونفخت فيه من روحي..» من براثن الجسد وحينئذ.. فالحصول على
التقوى أمر بسيط طالما سمت الروح فهي كلمة سر التقوى.. هي الباب الوحيد
الذي تدخل منه التقوى، فالصيام يحرر روحك من قيود جسدك وحينها تُحذف من
قاموسك كلمة «غافل» وكأن لسان حال القلب يقول «وانكسر القيد يا روح..
انطلقي واسبحي واقتربي من الله».
إنها المحرك الأساسي للسلوك الإنساني!!
والشيء الثاني الذي يضعفه الصيام أو قل يضبطه.. هو الشهوة.
يقول علماء النفس: «إن الشهوة هي المحرك الأساسي للسلوك الإنساني».
فيأتي الصيام فيضبط هذه الغريزة وينظمها وبها يصبح الإنسان على درب التقوى
مستقيماً، إن أقوى غريزة تؤثر في الإنسان هي غريزة الجنس إنها والله مشكلة
الشباب لكل عين تبصر حقيقة هذا الزمن وما آل إليه! هذا هو الحل بمنتهى
البساطة فما علينا إلا الصوم بنية تحقيق التقوى وبنية ألا نجعل للجسد سلطة
على الروح وبنية ضبط الشهوة.
أحبتي.. كونوا لرمضان نعم الجنود يكن لكم نعم القائد..
هام جداً جداً....
تحدثنا عن شيئين يقللهما ويضبطهما الصيام والآن
سنتحدث عن الأشياء التي يقويها الصيام، أول هذه الأشياء هو مجاهدة النفس
وهذه في حقيقة الأمر هامة جداً جداً فبها يُبنى كل شيء وبدونها يُهدم كل
شيء مجاهدة النفس، الإرادة، العزيمة، الإصرار، الهمة العالية..
كل هذه مترادفات لشيء يجعل هذا الإنسان الضعيف إنساناً قوياً لا يستسلم
إلا لله ولا يذل إلا لله، والصيام يعينك على ذلك فالإمساك بميعاد وكذلك
الإفطار وهناك ضبط للشهوة الحلال.
والشيء الثاني الذي يقويه الصيام هو صحبة الصالحين فضلاً عن تقوية
العلاقات الاجتماعية فالعائلة تجلس جميعها على طعام واحد في وقت واحد..
الوجوه تقبل على الوجوه وتبتسم لها.. تنظر العيون إلى العيون في حنو ورحمة
شهر التصحيح فهذا هو الأصل ولكن الدنيا قد شغلتنا وأصبحنا في مارثون لنأتي
بلقمة العيش ولا تجد للساعة فائدة إلا في العمل أما في أوقات صلة الرحم
والزيارات فالساعة تغط في النوم غطيطاً.. ترى أهي السبب أم نحن..؟!
أحبتي.. اهتموا في رمضان بصحبة الصالحين فهي طريقنا نحو التقوى «الإخلاء
يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين» هل من المعقول أن نحصل على التقوى ونحن
في صحبة الفاسدين.. الذين لا يعرفون حق الله..؟! إن صحبة المتدينين هي
الممر الأساسي والرئيسي للوصول إلى الفائدة المكتملة..
نصيحة للنساء:
أيتها الأخت الفاضلة لا تضيعي وقتك في الوقوف طوال
اليوم أمام ما لذ وطاب من الطعام.. أعرف أنك تريدين سعادة أبنائك وزوجك..
تعدين لهم أشهى المأكولات.. أختي الفاضلة لا يكن شعارك في رمضان أنه شهر
الطعام!! أرجوك قللي من كمية الأصناف حتى تستفيدي بوقتك فهذه الأوقات
غالية جداً فهل يرضيك أن تضيع أمام الطعام؟!
ثم من هو هذا البطل الذي يأكل كل هذه الأصناف الشهية ويستطيع بعدها الوقوف ناصباً قدميه في صلاة التراويح..؟!!
أيتها الأخت الفاضلة.. الحل في يديك أنت.. أنت الوحيدة التي تستطيعين وضع
الحل المناسب وأذكرك.. إننا في شهر القرآن.. شهر العبادة شهر نتفنن فيه في
إرضاء الله عز وجل لا في إرضاء المعدة..!!