أختي المسلمة .. ربما لا يكون العنوان مشجعاً للقراءة فدائماً وفي كل عام مع اقتراب شهر رمضان المبارك يبدأ الواعظون وأهل العلم في الحديث عن فضل رمضان والخير الذي فيه ويدعون إلى الصلاة والصدقة وقراءة القرآن و .... إلخ .. وهذه المواضيع لا تشد أغلبنا لقراءتها فكلنا يعرف فضل رمضان والأجر الذي فيه وأغلبنا يعرف ما هي مفسدات الصوم والأشياء التي تنقص من أجر الصائم ولكن اسمح لي أن أدعوك لقراءة ما سأكتب .. أستحلفك بالله أن تغصب هذه النفس الأمارة بالسوء وتلزمها لقراءة ما سأكتب حتى النهاية فالذكرى تنفع المؤمنين وربما يكون في ذلك نوراً لك في قبر ضاقت عليك أركانه بعد موتك وربما يكون فيه نجاة لك في يوم لا ملجأ من الله إلا إليه !!
أختي الحبيبه .. ماذا أعددتي لرمضان ؟
هل ذهبت إلى السوق واشتريتي الأطعمة والمشروبات التي سوف تتمتعي بأكلها طوال هذا الشهر ؟؟
أم أنك اخترتي بعناية فائقة المسلسلات والكوميديا التي أعجبتك ونظمت وقتك لمشاهدتها ؟؟
أم أنك مستعده للسهر واللهو في إحدى خيام الأنس والطرب التي تنتشر في بلادنا لإحياء ليالي شهر رمضان أم أنك اتفقتي مع أصدقائك على قضاء الليل في الحديث والعب؟؟
بالله عليك أجبيني ..
ماذا أعددتي لرمضان ؟
هل أنتي واحده من هؤلاء الذين يكون رمضانهم في طعام وشراب وسهر ولعب وفساد ونوم في النهار وعبث طوال الليل ؟
أجبيني ولا تخجلي ، لا تكذبي ، لا تخادعي نفسك .. لا تتوهم الصلاح وتكون من أولئك الذين قال الله عنهم : (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا)
إذا كنتي منهم فتذكري أختي المسلمه أنه سيأتي اليوم الذي ستزال الغشاوة من عينيك وينتزع فيه الموت روحك من كل عرق بلا رأفة ولا رحمة ، تذكري اللحظة التي يغسلونك فيها ويكفنونك ويضعونك في حفرة ضيقة ويهيلون عليك التراب ويذهبون وتبقى وحيداً ليخرج لك الثعبان الأقرع لأنك كنت تضيع الصلوات وترى هناك نار جهنم تضطرم ويشتد سعيرها وهي تنادي ربها أن يقربها منك ، ستبكن وتبكن وتبكن وتطلبي الرحمة ولكن لن يسمعك أحد فهذا ما اقترفت يداك وهذا ما زرعتي لنفسك ولتحصدي تضييع أغلى ليالي عمرك .. إنها ليالي شهر رمضان المبارك التي كنت تقضينها في اللهو واكتساب الآثام ..
ماذا ستقولين لله سبحانه وتعالى عندما يسألك عن رمضان ؟؟ كيف ستردين على قدمك التي تشهد عليك وأنت تمشي للحرام ؟؟ ماذا ستردين على لسانك الذي ينطق ويقول أمام رب العالمين أنك كنت تغتابين وتكذبين وتسبين وتغنين طوال أيام وليالي الشهر الفضيل ؟؟ كيف ستتكلمين وعملك الأسود يكون حاضراً ليفضحك وتذكر أن يومها لن تجدي الأعذار ولن يفيد الكذب .. آآآه .. كيف سيكون موقفك وشهر رمضان يخرج ليتكلم والقرآن يظهر ويصرخ معه والصلاة تخرج إلى ربها لينادوا جميعاً فيقولون لك : ضيعك الله كما ضيعتنا ...
أختي المسلمه ماذا أعددتي لرمضان ؟ سؤال يجب أن تجد له إجابة صادقة ولابد أن تلتزمي بها قبل أن يمضي رمضان هذا كما مضي سابقه وأنتي تتخبط في المعاصي والذنوب وتفوّت الصلوات وترتكب الكبائر وتعصي الله سبحانه وتعالى سراً وعلانية ...
هل ستلتزمي بصلاتك وتحافظ عليها مع الجماعة ؟؟ هل ستمشين في ظلام الليل لتصلين صلاة الفجر في المسجد ؟؟ هل ستكسبي حسنة في كل خطوة تخطوها قدمك إلى المسجد أم أنكي ستفضلي البقاء على السرير نائمه أو أمام شاشات التلفزيون متسمره تشاهد الكاسيات العاريات وتضحك على نفسك لتبكي في يوم تفارق فيه الأهل والخلان وتكوني من الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ...
هل ستقرأ القرآن كاملاً طوال أيام الشهر ؟؟ ربما تقرأ في أول يومين أو ثلاثة وبعدها لا يبقى عندك وقت للقراءة .. أليس هذا ما يحدث ؟؟ في كل سنة تقول أنك ستقرأ وستحافظ على التلاوة وستقرأ في كل يوم جزءاً لتختم القرآن في آخر الشهر وبعدها تقرأ الأيام الأولى فقط ليغطي القرآن الغبار حتى السنة القادمة .. أليس هذا صحيحاً ؟؟ هل تريدين أن تكوني ممن هجروا القرآن واستبدلوه بالأغاني الماجنة والأفلام الساقطة والمجلات الخليعة التي تدخل كل بيت ؟؟
هل ستتصدقين على الفقراء والمساكين الذين يطرقون أبواب بيتك أم أنك ستتطردينهم لأنهم مجموعة من الدجالين الذين يحتالون على أصحاب الأيدي الكريمة أمثالنا ؟؟
هل ستصغين إلى الشيطان والنفس الأمارة بالسوء وغيرك من ضعاف النفوس الذين يبخلون بالدرهم في سبيل الله بينما يضيعون مئات وآلاف الدراهم في الحرام ؟؟
أختي العزيزه .. استيقظي .. أنتي في دنيا فانية ، زائلة ، حقيرة .. نعم سوف تموت غداً ولن ينفعك علاج الطبيب ولن يفيدك بكاء الحبيب .. استيقظي يا صاحبتي فلن تأخذي معك أموالاً جمعتها ولن تنفعك بيوت عمرتها .. ستأخذي معك الحنط والكفن وستنتهي إلى دنيا جديدة تصطك عليك فيها جدران قبرك وتجد ما عملته في دنياك حاضراً ينتظرك .. القرآن الذي هجرته والصلاة التي ضيعتها والفقيرة التي بخلت عليها ، ورمضان الذي فسقت فيه و ..... كل شيء ، ستجدين كل شيء محضراً وستشهد عليك جوارحك ولا يظلم ربك أحدا ...
رمضان أقبل فاغتنميه وأنتي لا تدرين فربما لا تعيشن حتى رمضان القادم ، بل ربما لا تكمل معنا رمضان هذا .. من يدري فربما تموت وأنت تقرأ كلامي هذا .. اغتنم رمضان وسابق فيه إلى الطاعة وعُد إلى الله سبحانه وتعالى وستجده فرحاً سعيداً بعودتك إليه ولا تكن ممن يعرضون على جهنم فيحرقون فيها .. وكلما نضجت جلودهم أبدلوهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب حيث قال سبحانه وتعالى :
(ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه) وقال تعالى : (إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها ، وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه ، بئس الشراب وساءت مرتفقا)
ماذا أعددتي لرمضان ؟
إذا كنت لا تعرفين فأعدي له الطاعات والخيرات وأبوابها أوسع مما تتصوري وخذي شهر رمضان بكرم طاعتك ولا تقابله بسوء معصيتك .. اقرئي القرآن واجعله نوراً يضيء قبرك بعد الموت وشاهداً يشهد لك يوم تلقي الله .. أختي المسلمه داوم على صلاة الجماعة وتعرفي على الصحبة الطيبة فهي التي ستثبتك على الطريق الصحيح .. طريق الجنة التي تبحثي عنها ، ابتعدي عن فاحش القول وأذية الناس وأحسن معاملة والديك وجارك وإخوتك ولا ترهق خادمك وانصح أهلك وأصحابك وادعهم إلى طريق الرشاد ، اشتري المصاحف وأهدها للناس فتشاركم أجر قراءة القرآن ، تصدقي على الفقراء والمساكين ولا تبخلي بدرهم في سبيل الله ، ضع الدراهم في صناديق الجمعيات الخيرية واحتسبي الأجر عند الله ، صلِ ركعتين في منتصف الليل عسى أن يغفر لك الحي الذي لا ينام ، عامل الناس معاملة حسنة وفي هذا محبتهم وصدقة لله سبحانه وتعالى .. صِل رحمك الذين قطعتهم وسامح من أخطأ في حقك واستغفر لذنبك ولسائر المسلمين .. أعف لسانك عن الكذب وعينك عن الحرام وأذنك عن سماع الأغاني وقلبك عن الحسد والضغينة ويدك عن الخطيئة وقدمك من السير إلى أماكن اللهو والفساد ..
أختي المسلمه .. أبواب الخير واسعة وأبواب الشر واسعة أيضاً فأيهما تختار يا ذا العقل الرشيد ؟؟ جنة عرضها كعرض السموات والأرض أم نار حانقة غاضبة تقول : هل من مزيد ؟؟
وأخيراً أرجع وأقول لك من جديد .. ماذا أعددتي لرمضان ؟
منقول لتذكرة نفسي وتذكرتكن أخواتي الحبيات