« بسم الله الرحمن الرحيم »
****
إن الحمد لله نحمده و نستغفره و نستهديه ونعوذ بالله من شرورنا أنفسنا ومن سيئات أعمالنا
الحمد لله منزل الكتاب و مجري السحاب ومسبب الأسباب وهازم الأحزابحمدا كما يليق بجلال وجهه و عظيم سلطانه
ربي لك الحمد حتى ترضى و لك الحمد إذا رضيت و لك الحمد بعد الرضا
۞۞۞۞۞۞۞۞
الثورة الأمريكية و شبح الانقسام ... هل هي الكارثة ؟؟
................................
القاعدة الأولى :
-------------
ـ جموع الجماهير عمياء لا تنتظر إلا من يوجهها ـ
هذه القاعدة تنطبق على كثير من شعوب العالم التي فقدت مبادئها ولم يعد لها
نصيب وفير من الوعي فحالها يشبه كثيرا حال الطائرة التي تريد الهبوط ليلا
فوق مدرج غير مضاء
فهذه الشعوب الناقمة على ظروف حياتها تصبح فريسة سهلة لكل من يتقن فن تحريك الخيوط و نسج المؤامرات
فثورات القرن الماضي كانت في مجملها عملية تحريك للشارع و توجيهه وفق
إرادة النخبة التي استغلت حالة السخط و الغضب ضد الأنظمة القائمة و جعلت
من الغضب وقودا يحرق كل من يقف أمامه
لنعد قليلا إلى الوراء حتى نفهم جيدا هذه القاعدة التاريخية التي سادت و
لا زالت تسود حتى أيامنا هذه لأن طبيعة البشر واحدة حتى و لو اختلفت
لغاتهم و ثقافاتهم
الثورة البلشفية في روسيا مثلا كانت عبارة عن تحرك شعبي غير واعي ضد سلطة
القياصرة التي حكمت روسيا بيد من حديد و استغلت الطبقة العاملة بطريقة غير
إنسانية
فتولد لدى هذه الطبقة كره شديد لكل ما هو برجوازي و أصبحت عند الناس
قابلية للثورة و لكن نقص الوعي و انتشار الجهل بين العامة جعل حكم
القياصرة يدوم لمدة طويلة رغم بعض المحاولات التي قام به القرويون في
القرن التاسع عشرة ضد حكم الإمبراطورة كاترين الملقبة بالعظيمة
و لكن هذه المحاولة كانت تتحطم لقلة الوعي ولتشتت الجهد و لعدم وجود قيادة موحدة
حتى جاء عصر البلاشفة الذين نفخوا في رماد الثورة التي كانت كامنة في
أعماق الشعب المفقر فثار الناس من جديد و حطموا قيود القياصرة و لكن
القادة الجدد سرعان ما تحولوا بدورهم إلى نخبة برجوازية تعيش على عرق
الشعب و تحرمه من أبسط حقوقه فخلفت هذه الفئة التي جاءت من أعماق المجتمع
الفقير الطبقة الأرستقراطية التي زالت تحت لهيب الثورة و سرعان ما ظهر
قياصرة جدد كلنين و ستالين مثلا
وحتى نفهم أكثر سنحاول تحليل مكونات الثورة الروسية مثلا ثم نقوم بعملية
مقارنة بسيطة بين الحالة السائدة في تلك الحقبة و بين الواقع الاقتصادي
الذي تعيشه الدول الرأسمالية اليوم و على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية
الرأسمالية الكولونيالية اليوم تعيش أزمة و جود و أزمة ثقة وهذه بوادر الهزيمة و الفناء بلا شك
فكل فكرة تتطور لتصبح إيديولوجية ثم تتطور لتصبح نظاما سياسيا اقتصاديا
قائما تتولد عنه مجموعة من النظم الاجتماعية و الثقافية تتداخل فيما بينها
لتخلق ما يعرف بمفهوم الحضارة سواء التي ترتبط بالدين أو بالعقيدة المادية
المحضة
قال آدم سميث رسول الرأسمالية الأنجلوسكسونية كلمته الشهيرة
دعه يعمل اتركه يمر
ــــــــــــــــــ
و كانت فلسفته المادية و لا زالت مبنية على عنصر التنافس الحر و نظرية
البقاء للأقوى حتى يبرر همجية و شجع الغرب الذي وضع تحت سيطرته المطلقة كل
ثروات شعوب العالم و سيطرة على كل الطرق التجارية و المنافذ البحرية بلغة
النار
فالغرب متفوق لذلك يحق له طبيعيا أن يمتلك و الآخر متخلف و مكانه في الأسفل
و لكن الرأسمالية الغربية كانت تحمل بذور فنائها في ذاتها كما قال كارل ماركس الذي صدق و هو الكذوب
فالرأسمالية كالنار تأكل كل شيء تجده أمامها و بعد أن تمكنت من السيطرة
على موارد العالم الحيوية من طاقة و معادن و مياه و بعد أن بنت
إمبراطوريات اقتصادية تسمى اليوم بالشركات المتعددة الجنسيات التي صارت
تهدد أمن العالم و تهدد وجود الدول ككيانات سياسية قائمة و مستقلة نتيجة
التدخل المباشر و زعزعة الأمن و الاستقرار و تحريك خيوط السياسية الداخلية
في كل دول العالم قصد خدمة مصالحها
فالشركات العملاقة اليوم قد صارت عنكبوت تنسج خيوطها فوق ربوع الأرض ولم
يفلت أحد منها وما نظرية العولمة التي يروج لها عبيد هذه الشركات الذين
يتكلمون لغتنا إلا كذبة كبيرة يقصد بها تخدير الشعوب لا أكثر
وقد لعبت هذه الشركات العملاقة دورا خطيرا في زعزعة العالم أمنيا و سياسيا
لدرجة جعلت التوازن العالمي مهددا و هشا بطريقة تجعل الأمور غاية في
الخطورة
فقد حركت الشعوب و نظمت الانقلابات و الاغتيالات و المؤامرات في كل بقاع
العالم من أفريقيا إلى آسيا و حتى داخل الحزام الغربي الذي أصبح المواطن
الذي يعيش فيه مجرد رقم أو آلة استهلاك لا تفكر ولا يجوز لها أن تفكر
ووفق نفس نظرية الثروة التي تقول أن جموع الجماهير عمياء لا تنتظر إلا من
يوجهها تعاملت هذه الكيانات العملاقة مع شعوب الغرب و دجنت عقليته و سلخته
من كل مبدأ أو فكرة مغايرة لطريقة و نمط تفكير التاجر الذي يريد أن يربح
أكثر و أكثر
فماذا كانت النتيجة ؟؟
فقد المجتمع الغربي توازنه الطبيعي و زالت بنيته الأصلية و أصبح يقف فوق
منصة ورقية هشة رغم كل الهالة الإعلامية التي تصوره في صورة المارد
الحديدي الذي لا يقهر و الذي يدبر شئون العالم و يرسم ملامح المستقبل
نعم إنها أكبر كذبة روجت لها وسائل الإعلام العميلة التي لم تكن سوى وسيلة
دعاية في خدمة الشركات العملاقة التي تحكم العالم في الخفاء
فصدق الفرنسي مثلا أن ثورته هي أعظم ثوره في العالم ولم يفكر لحظة أن
سماسرة الماسونية العالمية هم من حرك الجموع الغاضبة في شوارع باريس لضرب
الطبقة الارستقراطية التي كانت تقف سدا أمام سيطرة هؤلاء الغرباء الذين
جاؤوا يحملون أكياس الذهب فوق ظهورهم
و صدق الأمريكي الغبي أن أمريكا هي حلم جميل يتحقق على أرض الواقع ولم
يسأل يوما نفسه لماذا يعود ابنه الوحيد في صندوق خشبي قادم من العراق
ولم يفهم لماذا يدفع لأصحاب البنوك منذ أن ولد وحتى يوم يدفن ؟؟
إنها الآلة الإعلامية العملاقة التي سخرت لها كل وسائل التكنولوجيا
الحديثة من أجل تهجين البشر و خلق أجيال تعشق العبودية و تتقن فن تقليد
نجوم السينما و تتسابق لاقتناء آخر ألبوم غناء
القاعدة الثانية :
-------
-الغضب قوة يمكن التحكم فيها وتوجيهها لضرب من نريد :
المشهد :
ألمانيا بضع سنوات بعد الهزيمة و هي لا تزال تحت ثقل معاهدة فرساي التي وقعت عليها مكرهة بعد هزيمتها في الحرب الكونية الأولى
كانت معاهدة فرساي التي تمت سنة 1919 م جائرة جدا حرمت الألمان من حقوقهم
السياسة و جعلت دولتهم دولة فاقدة لجوهر استقلالها نتيجة الرقابة التي
فرضت عليها في شتى المناحي وخاصة العسكرية و الاقتصادية منها و هذا ما جعل
الألمان يشعرون بالإهانة
و نتيجة الركود الاقتصادي و تفشي البطالة بين عموم الشعب الذي رأى ثرواته
تنهب من أجل تسديد تكاليف الحرب الأولى ومن أجل تعويض الدول المنتصرة في
الحرب عم الغضب أوساط الشباب الألماني الذي كان يمتلك عزة نفس كبيرة و
يرفض أن يعيش تحت حكم الانجليز و الفرنسيين
ووسط هذه الأجواء ظهر النازيون ودعوا الألمان للانتقام
وبسرعة التف الناس حول المشروع النازي الذي وجد الأرض خصبة لنشر أفكاره
شعب ساخط على أوضاعه المعيشية و غزاة جبابرة أذلوا الناس و نهبوا خيرات البلاد
فلم يكن أمام الحزب النازي غير استغلال هذا الغضب الشعبي وتوجيهه لضرب الخصوم الداخليين
ثم تجهيز الجيوش لغزو العدو الذي تجرأ على إذلال الألمان