الفتاة بعد الزواج .. لماذا تغير علاقتها بالصديقات؟!
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
خلق الله الإنسان اجتماعي بطبعه، فلا يمكنه العيش وحيداً بمنأى عن العالم والناس من حوله، وكأنه في جزيرة مقطوعة، نجده شاباً أو فتاة طفلاً في الخامسة أو مسناً في الخمسين، دائم البحث عن الأصدقاء، يتقاسم معهم أصعب المواقف وأسعدها، فتبقى ذكراها عالقة في القلوب، والذاكرة تأبى على النسيان، غير أن ظروف الحياة وتقلباتها أحياناً تفرض نفسها خاصة على الفتاة التي ترتبط بعلاقة زواج، تنشغل بهموم بيتها وزوجها ورعاية أطفالها؛ فتنسل قليلاً عن معشر الصديقات، وتتأثر علاقتها بهنّ بعد الزواج، حيث تختلف لديها الأولويات في ظل اقتحام شخصيات جديدة حياتها وخصوصياتها، تسرقها من صديقاتها وتحل محلهم، عندها تتغير علاقتها مع الصديقات، وتتبدل أحوالها وتصحو صديقاتها على موجات أنين وحنين يبحثنَّ عن سبب التغير إلا أنهنّ سرعان ما يفطنّ إليه إذا ما جربوا ذات التجربة.
وتبقى مسألة التغير في العلاقة مع الصديقات مسألة نسبية، تتفاوت من فتاة إلى أخرى، وفقاً للتركيبة النفسية للمرأة، بالإضافة إلى تراكم المسؤوليات على كاهلها، وافتقارها لأوقات فراغ كافية.
التقرير التالي يبحث في أسباب تغير علاقة الفتاة بصديقاتها بعد الزواج.
يعرض لنماذج تقطعت بهنّ السبل بعد الزواج، وأخرى ما زلنَّ يتواصلنّ بشكل محدود في المناسبات الرسمية، وأخرى توطدت علاقاتهنّ أكثر حينما امتدت صداقتهنّ إلى أزواجهنّ، وباتوا يجتمعون على الود والإخاء في كل حين، تابع معنا.
غالباً ما يكون الفتور الذي يصيب علاقة الفتاة بصديقات الدراسة والطفولة والعمل بعد الزواج؛ نابعاً من تراكم المسؤوليات الجديدة عليها، إذ تختلف الحياة الزوجية بمتطلباتها الكثيرة عن حياة العزوبية التي تنعم فيها بأوقات فراغ كبيرة ومسؤوليات أقل تمكنها من التواصل ليس فقط مع الصديقات بل مع الأهل والأقارب.
مشاغل الحياة الكثيرة
تقر عائشة أن علاقتها بصديقاتها تغيرت بعد الزواج، وذلك ليس إنكاراً منها لأيام جميلة قضتها مع الصديقات، أو خوفها من أن تسرق إحداهنَّ الزوج الذي انتظرته أن يأتي على حصانه الأبيض سنين طويلة؛ فهي تؤمن أن الله إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون، وإن كان زوجها سينظر لغيرها فسوف ينظر ولن يهمه إن كانت تلك التي نظر إليها صديقة زوجته أم جارتها، أم أي فتاة أخرى.
وتعلل السيدة سبب فتور علاقتها بالصديقات بتزاحم المسؤوليات على كاهلها، وافتقارها لوقت الفراغ إلا يوم الإجازة الرسمية، تحاول أن تهبه لأبنائها وزيارة الوالدين، ناهيك عن انتقالها للعيش في منطقة نائية عن المدينة مجمع الصديقات، وأوضحت السيدة التي تعمل "مدرسة" في إحدى المدارس الخاصة أنها تقسم وقتها بين العمل والاهتمام بأطفالها ومتطلبات زوجها، وإدارة شؤون منزلها، وإنهاء أعماله في وقت قياسي لا يتعدى الساعات الخمس بعد عودتها من الدوام الدراسي.
وتشير بعد أن قدمت اعتذاراً لصديقاتها ورجت أن يعفوا ويصفحوا ويتفهموا:"هذه أسبابي الحقيقية" وأضافت أنها تستثمر أي فرصة للتقرب منهنّ، خاصة إذا ما عاودها الحنين لأيام خلت.
بالهاتف تستعين على السؤال عنهنّ وتبثهنّ الحنين والشوق، وتدعوهنّ لزيارتها أو الخروج لساعات قليلة في يوم يتوافقون عليه وفقاً لظروفهن.
وتستكمل: الصداقة شيء جميل في حياة الإنسان، وبدونها لا طعم للحياة؛ لذلك لا يمكنها التفريط بصديقاتها وإن شغلتها أمور الحياة، ويبقى التواصل قائماً وإن كانت الفترات متباعدة فالقلوب تغمرها الذكريات الجميلة.
انقطاع بمجرد الزواج
ريم ومريم، تقاسما حروف الاسم لم تزد الثانية إلا حرفاً عن الأولى، على مائدة الصداقة الودودة اجتمعتا في سنوات الدراسة، وقدر الله سبحانه وتعالى أن يتقاسما العمل أيضاً، فكانتا في المؤسسة نفسها، ريم أحبت مريم كثيراً وبادلتها الأخيرة الحب والمودة والاحترام، وزادت علاقتهما ارتباطاً وتعمقاً بعد تعرف الأسر؛ فأضحت الزيارات بينهما عائلية.
استمرت تفاصيل العلاقة على حال الصداقة والود لفترة تجاوزت السنوات الخمس، إلا أنها سرعان ما تغيرت من جانب ريم! والتفاصيل ترويها مريم وقلبها يعتصر بالأنين والحنين.
تقول مريم:"في ذات يوم جاءتني صديقتي ووجها يشع فرحاً؛ فقد جاءها الفارس الملثم على حصانه الأبيض، سعادتي كانت كبيرة جداً" مرت الأيام وبدأت الصديقة تحضر لحفل الزفاف، فرافقتها في كل التفاصيل حتى أتم الله لها الزواج على خير وسعادة، تقول مريم:"مرت أيام أولى على زواجها ومن ثمَّ بادرتها باتصال أهنئها وأطمئن على أحوالها، فكانت كلماتها مقتضبة وصوتها يخلو من ارتجافة الحنين التي اعتدت عليها كلما غالب الشوق قلوبنا؛ بسبب إجازة قصيرة من العمل أو الدراسة".
تألمت مريم كثيراً لكنها ما لبثت أن التمست للصديقة العذر، فقد دخل إلى حياتها شخص آخر اقتحم خصوصياتها وبات يشاركها سكناتها وضحكاتها، ولم يؤثر ذلك على سؤالها عنها بين الحين والآخر، أضحت المبادرة دوما ًبينما الصديقة التي رزحت في قفص الزوجية لا ترد اتصالاً، وكأن العلاقة لم تكن أصلاً أو أنها كانت مجرد علاقة عابرة.
حتى الآن لا تجد مريم سبباً مقنعاً لانقطاع صديقتها عنها بمجرد ارتباطها بالزواج! وتتساءل هل تخشى على حياتها الجديدة مني؟ ولماذا تسلل لقلبها هذا الخوف! أولم تكن تثق بي وبأخلاقي وبتربيتي؟ وهل إذا حالفها الحظ وارتبطت بزوج ستصنع صنيعها وتتخلى عن صديقات كانوا لها خير معين إذا ما تعرضت لأي مشكلة؟ تؤكد أنها لن تفعل ذلك، فالصداقة لديها لا يعوضها زوج ولا شقيق ولا ابن.
زوجي يضيق صدره بصديقاتي
أما أسباب سميرة في الانقطاع التدريجي عن صديقاتها والتزامها بيتها، فتختلف ليس السبب المباشر فيها مشاغل الحياة ومسؤوليات الأسرة الجديدة المضافة إلى مسؤوليات العمل؛ بل السبب زوجها الذي بدأ يعلن بعد عام من زواجهما ضيق صدره من صديقاتها، وتبادلها الزيارة معهنّ واجتماعهنّ بين حين وآخر في بيت إحدى الصديقات، يقضين وقتاً ممتعاً برفقة أبنائهنّ الذين أضحوا تماماً كما أمهاتهم تجمعهم علاقات صداقة حميمية، تقول:" أخبرت زوجي بأني لا أستطيع العيش بلا صديقات، وأنني لا أستطيع الانسلال من بينهنّ بمجرد الارتباط به بالزواج، تماماً كما هو لا يمكنه أن يلغي علاقته بأصدقائه.. تفهم حينها لكنه اعترض أخيراً" على مدار أشهر العام الأول من الزواج، لم تنقطع سميرة عن صديقاتها وكانت تبادلهنّ الزيارات الودودة ثم ما لبثت أن بدأت تتراجع في تواصلها شيئاً فشيئاً، فأضحت حذرة في كلماتها تتحدث بتحفظ ولا تبادلنهن الزيارة أبداً، الأمر الذي جعلت الصديقات يبتعدنَّ شيئاً فشيئاً، فقد فطنّ إلى أنها لم تعد ترحب بهنّ، فآثرن الانسحاب تغرورق عيناها بالدموع، تؤكد أنها تتألم لذلك ويقطر قلبها أنينا وشوقاً لذكريات جميلة، لكن زوجها لا يريد تلك الزيارات ولا تلك الصداقات تقول:"يرى أنها تستنزفه مادياً وتعد مصدر إزعاج وتشويش وتهديد لحياته الزوجية، فأشار عليها بإصرار قطع علاقاتها مع الصديقات ولم تملك إلا أن تفعل".
ارتباط أعمق
وترى سندس أن علاقتها مع صديقاتها توطدت وازدادت عمقاً بعد زواجها، والسبب أنها جمعت أزواج صديقاتها بزوجها وباتوا تماماً كما هنّ أصدقاء يجتمعون بين الحين والآخر كعائلة مشيرة إلى أن العلاقة امتدت للأطفال فشبوا على ذات الحب والود والإخاء.
تقول نتبادل الزيارات الاجتماعية فيما بيننا بلا حرج بضرورة اصحاب هدية في كل زيارة، فهي ليس مهمة بقدر المحبة التي يجب أن تختزنها قلوبنا لتتمكن من الاستمرار، وتلفت إلى أن العلاقات التي تنقطع بين الصديقات بمجرد الزواج إنما لا تكون مدعومة بالصدق والثقة فقط مجرد علاقات سطحية يسهل التخلص منها لأي سبب، ويكون سبب الزواج أنسبها للهروب والانزواء في تفاصيل حياة جديدة بعيداً عن صديقات الطفولة والدراسة.
ليست نذالة أو خيانة!
ويرى د. سمير زقوت أخصائي نفسي ببرنامج غزة للصحة النفسية أن أسباب عديدة تقف وراء اختلاف العلاقات الإنسانية بين الصديقات بعد الزواج، لكنها لا تدخل في إطار الخيانة والندالة كما تتصور الصديقات اللاتي لم تتزوجنّ؛ بل وفقاً لتغيرات الحياة الجديدة، وأضاف أهم تلك الأسباب تغير المحيط الاجتماعي للفتاة بعد الزواج، بالإضافة إلى علاقة القرب والبعد المكاني، وكذلك المركز الاجتماعي الذي يتبوأه الإنسان، والمرحلة العمرية التي يمر بها، فليس أصدقاء الطفولة هم ذاتهم أصدقاء المراهقة والشباب والكبر، بل يختلفون باختلاف المرحلة العمرية قائلاً:"القليلون يبقون على امتداد العمر" لكن الغالبية يتغيرون، وبشيء من التوضيح أشار إلى أن الفتاة قبل الزواج إذا كانت طالبة جامعية، فإن محيطها الاجتماعي يقتصر على فتيات في مثل عمرها، أما إذا كانت في الثانوية فمحيطها الاجتماعي يقتصر على فتيات المراهقة، مؤكداً أن هذا الإطار يتغير بعد الزواج؛ فيصبح أهل الزوج الأقرب إليها والأوائل في الاهتمام، فهم محيطها الاجتماعي إذ إن العلاقات الإنسانية ترتبط بالمحيط الاجتماعي، لافتاً إلى أن الفتاة قبل الزواج محيطها الاجتماعي هن الصديقات.
وشدد د.زقوت على أن الإنسان يقوم بعدة أدوار اجتماعية في حياته بحسب المرحلة العمرية التي يمر بها، ومعها تختلف علاقات الصداقة فتبلى بعضها والبعض الآخر تبقى، لافتاً أن بعض العلاقات الاجتماعية قد تستمر إذا تزوجت الفتاة وصديقتها في المنطقة نفسها وانتقلت علاقتهم بالصداقة إلى الأزواج، وبعضها الآخر تختفي وراء مشاغل الحياة والبعد المكاني، واختلاف المحيط الاجتماعي واختلاف الاهتمامات، وأشار أن تلك الاختلافات تأتي في إطارها الطبيعي، سواء من الناحية الاجتماعية أو النفسية، ولا يمكن اعتبارها ندالة أو خيانة من الصديق بأي حال من الأحوال، وأردف قائلاً:"يجب النظر إلى هذه التغيرات وفق المتغيرات كالإطار الاجتماعي المركز الذي يتبوأه الإنسان والعمر أيضاً وليس النظر لها من باب العواطف".
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
خلق الله الإنسان اجتماعي بطبعه، فلا يمكنه العيش وحيداً بمنأى عن العالم والناس من حوله، وكأنه في جزيرة مقطوعة، نجده شاباً أو فتاة طفلاً في الخامسة أو مسناً في الخمسين، دائم البحث عن الأصدقاء، يتقاسم معهم أصعب المواقف وأسعدها، فتبقى ذكراها عالقة في القلوب، والذاكرة تأبى على النسيان، غير أن ظروف الحياة وتقلباتها أحياناً تفرض نفسها خاصة على الفتاة التي ترتبط بعلاقة زواج، تنشغل بهموم بيتها وزوجها ورعاية أطفالها؛ فتنسل قليلاً عن معشر الصديقات، وتتأثر علاقتها بهنّ بعد الزواج، حيث تختلف لديها الأولويات في ظل اقتحام شخصيات جديدة حياتها وخصوصياتها، تسرقها من صديقاتها وتحل محلهم، عندها تتغير علاقتها مع الصديقات، وتتبدل أحوالها وتصحو صديقاتها على موجات أنين وحنين يبحثنَّ عن سبب التغير إلا أنهنّ سرعان ما يفطنّ إليه إذا ما جربوا ذات التجربة.
وتبقى مسألة التغير في العلاقة مع الصديقات مسألة نسبية، تتفاوت من فتاة إلى أخرى، وفقاً للتركيبة النفسية للمرأة، بالإضافة إلى تراكم المسؤوليات على كاهلها، وافتقارها لأوقات فراغ كافية.
التقرير التالي يبحث في أسباب تغير علاقة الفتاة بصديقاتها بعد الزواج.
يعرض لنماذج تقطعت بهنّ السبل بعد الزواج، وأخرى ما زلنَّ يتواصلنّ بشكل محدود في المناسبات الرسمية، وأخرى توطدت علاقاتهنّ أكثر حينما امتدت صداقتهنّ إلى أزواجهنّ، وباتوا يجتمعون على الود والإخاء في كل حين، تابع معنا.
غالباً ما يكون الفتور الذي يصيب علاقة الفتاة بصديقات الدراسة والطفولة والعمل بعد الزواج؛ نابعاً من تراكم المسؤوليات الجديدة عليها، إذ تختلف الحياة الزوجية بمتطلباتها الكثيرة عن حياة العزوبية التي تنعم فيها بأوقات فراغ كبيرة ومسؤوليات أقل تمكنها من التواصل ليس فقط مع الصديقات بل مع الأهل والأقارب.
مشاغل الحياة الكثيرة
تقر عائشة أن علاقتها بصديقاتها تغيرت بعد الزواج، وذلك ليس إنكاراً منها لأيام جميلة قضتها مع الصديقات، أو خوفها من أن تسرق إحداهنَّ الزوج الذي انتظرته أن يأتي على حصانه الأبيض سنين طويلة؛ فهي تؤمن أن الله إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون، وإن كان زوجها سينظر لغيرها فسوف ينظر ولن يهمه إن كانت تلك التي نظر إليها صديقة زوجته أم جارتها، أم أي فتاة أخرى.
وتعلل السيدة سبب فتور علاقتها بالصديقات بتزاحم المسؤوليات على كاهلها، وافتقارها لوقت الفراغ إلا يوم الإجازة الرسمية، تحاول أن تهبه لأبنائها وزيارة الوالدين، ناهيك عن انتقالها للعيش في منطقة نائية عن المدينة مجمع الصديقات، وأوضحت السيدة التي تعمل "مدرسة" في إحدى المدارس الخاصة أنها تقسم وقتها بين العمل والاهتمام بأطفالها ومتطلبات زوجها، وإدارة شؤون منزلها، وإنهاء أعماله في وقت قياسي لا يتعدى الساعات الخمس بعد عودتها من الدوام الدراسي.
وتشير بعد أن قدمت اعتذاراً لصديقاتها ورجت أن يعفوا ويصفحوا ويتفهموا:"هذه أسبابي الحقيقية" وأضافت أنها تستثمر أي فرصة للتقرب منهنّ، خاصة إذا ما عاودها الحنين لأيام خلت.
بالهاتف تستعين على السؤال عنهنّ وتبثهنّ الحنين والشوق، وتدعوهنّ لزيارتها أو الخروج لساعات قليلة في يوم يتوافقون عليه وفقاً لظروفهن.
وتستكمل: الصداقة شيء جميل في حياة الإنسان، وبدونها لا طعم للحياة؛ لذلك لا يمكنها التفريط بصديقاتها وإن شغلتها أمور الحياة، ويبقى التواصل قائماً وإن كانت الفترات متباعدة فالقلوب تغمرها الذكريات الجميلة.
انقطاع بمجرد الزواج
ريم ومريم، تقاسما حروف الاسم لم تزد الثانية إلا حرفاً عن الأولى، على مائدة الصداقة الودودة اجتمعتا في سنوات الدراسة، وقدر الله سبحانه وتعالى أن يتقاسما العمل أيضاً، فكانتا في المؤسسة نفسها، ريم أحبت مريم كثيراً وبادلتها الأخيرة الحب والمودة والاحترام، وزادت علاقتهما ارتباطاً وتعمقاً بعد تعرف الأسر؛ فأضحت الزيارات بينهما عائلية.
استمرت تفاصيل العلاقة على حال الصداقة والود لفترة تجاوزت السنوات الخمس، إلا أنها سرعان ما تغيرت من جانب ريم! والتفاصيل ترويها مريم وقلبها يعتصر بالأنين والحنين.
تقول مريم:"في ذات يوم جاءتني صديقتي ووجها يشع فرحاً؛ فقد جاءها الفارس الملثم على حصانه الأبيض، سعادتي كانت كبيرة جداً" مرت الأيام وبدأت الصديقة تحضر لحفل الزفاف، فرافقتها في كل التفاصيل حتى أتم الله لها الزواج على خير وسعادة، تقول مريم:"مرت أيام أولى على زواجها ومن ثمَّ بادرتها باتصال أهنئها وأطمئن على أحوالها، فكانت كلماتها مقتضبة وصوتها يخلو من ارتجافة الحنين التي اعتدت عليها كلما غالب الشوق قلوبنا؛ بسبب إجازة قصيرة من العمل أو الدراسة".
تألمت مريم كثيراً لكنها ما لبثت أن التمست للصديقة العذر، فقد دخل إلى حياتها شخص آخر اقتحم خصوصياتها وبات يشاركها سكناتها وضحكاتها، ولم يؤثر ذلك على سؤالها عنها بين الحين والآخر، أضحت المبادرة دوما ًبينما الصديقة التي رزحت في قفص الزوجية لا ترد اتصالاً، وكأن العلاقة لم تكن أصلاً أو أنها كانت مجرد علاقة عابرة.
حتى الآن لا تجد مريم سبباً مقنعاً لانقطاع صديقتها عنها بمجرد ارتباطها بالزواج! وتتساءل هل تخشى على حياتها الجديدة مني؟ ولماذا تسلل لقلبها هذا الخوف! أولم تكن تثق بي وبأخلاقي وبتربيتي؟ وهل إذا حالفها الحظ وارتبطت بزوج ستصنع صنيعها وتتخلى عن صديقات كانوا لها خير معين إذا ما تعرضت لأي مشكلة؟ تؤكد أنها لن تفعل ذلك، فالصداقة لديها لا يعوضها زوج ولا شقيق ولا ابن.
زوجي يضيق صدره بصديقاتي
أما أسباب سميرة في الانقطاع التدريجي عن صديقاتها والتزامها بيتها، فتختلف ليس السبب المباشر فيها مشاغل الحياة ومسؤوليات الأسرة الجديدة المضافة إلى مسؤوليات العمل؛ بل السبب زوجها الذي بدأ يعلن بعد عام من زواجهما ضيق صدره من صديقاتها، وتبادلها الزيارة معهنّ واجتماعهنّ بين حين وآخر في بيت إحدى الصديقات، يقضين وقتاً ممتعاً برفقة أبنائهنّ الذين أضحوا تماماً كما أمهاتهم تجمعهم علاقات صداقة حميمية، تقول:" أخبرت زوجي بأني لا أستطيع العيش بلا صديقات، وأنني لا أستطيع الانسلال من بينهنّ بمجرد الارتباط به بالزواج، تماماً كما هو لا يمكنه أن يلغي علاقته بأصدقائه.. تفهم حينها لكنه اعترض أخيراً" على مدار أشهر العام الأول من الزواج، لم تنقطع سميرة عن صديقاتها وكانت تبادلهنّ الزيارات الودودة ثم ما لبثت أن بدأت تتراجع في تواصلها شيئاً فشيئاً، فأضحت حذرة في كلماتها تتحدث بتحفظ ولا تبادلنهن الزيارة أبداً، الأمر الذي جعلت الصديقات يبتعدنَّ شيئاً فشيئاً، فقد فطنّ إلى أنها لم تعد ترحب بهنّ، فآثرن الانسحاب تغرورق عيناها بالدموع، تؤكد أنها تتألم لذلك ويقطر قلبها أنينا وشوقاً لذكريات جميلة، لكن زوجها لا يريد تلك الزيارات ولا تلك الصداقات تقول:"يرى أنها تستنزفه مادياً وتعد مصدر إزعاج وتشويش وتهديد لحياته الزوجية، فأشار عليها بإصرار قطع علاقاتها مع الصديقات ولم تملك إلا أن تفعل".
ارتباط أعمق
وترى سندس أن علاقتها مع صديقاتها توطدت وازدادت عمقاً بعد زواجها، والسبب أنها جمعت أزواج صديقاتها بزوجها وباتوا تماماً كما هنّ أصدقاء يجتمعون بين الحين والآخر كعائلة مشيرة إلى أن العلاقة امتدت للأطفال فشبوا على ذات الحب والود والإخاء.
تقول نتبادل الزيارات الاجتماعية فيما بيننا بلا حرج بضرورة اصحاب هدية في كل زيارة، فهي ليس مهمة بقدر المحبة التي يجب أن تختزنها قلوبنا لتتمكن من الاستمرار، وتلفت إلى أن العلاقات التي تنقطع بين الصديقات بمجرد الزواج إنما لا تكون مدعومة بالصدق والثقة فقط مجرد علاقات سطحية يسهل التخلص منها لأي سبب، ويكون سبب الزواج أنسبها للهروب والانزواء في تفاصيل حياة جديدة بعيداً عن صديقات الطفولة والدراسة.
ليست نذالة أو خيانة!
ويرى د. سمير زقوت أخصائي نفسي ببرنامج غزة للصحة النفسية أن أسباب عديدة تقف وراء اختلاف العلاقات الإنسانية بين الصديقات بعد الزواج، لكنها لا تدخل في إطار الخيانة والندالة كما تتصور الصديقات اللاتي لم تتزوجنّ؛ بل وفقاً لتغيرات الحياة الجديدة، وأضاف أهم تلك الأسباب تغير المحيط الاجتماعي للفتاة بعد الزواج، بالإضافة إلى علاقة القرب والبعد المكاني، وكذلك المركز الاجتماعي الذي يتبوأه الإنسان، والمرحلة العمرية التي يمر بها، فليس أصدقاء الطفولة هم ذاتهم أصدقاء المراهقة والشباب والكبر، بل يختلفون باختلاف المرحلة العمرية قائلاً:"القليلون يبقون على امتداد العمر" لكن الغالبية يتغيرون، وبشيء من التوضيح أشار إلى أن الفتاة قبل الزواج إذا كانت طالبة جامعية، فإن محيطها الاجتماعي يقتصر على فتيات في مثل عمرها، أما إذا كانت في الثانوية فمحيطها الاجتماعي يقتصر على فتيات المراهقة، مؤكداً أن هذا الإطار يتغير بعد الزواج؛ فيصبح أهل الزوج الأقرب إليها والأوائل في الاهتمام، فهم محيطها الاجتماعي إذ إن العلاقات الإنسانية ترتبط بالمحيط الاجتماعي، لافتاً إلى أن الفتاة قبل الزواج محيطها الاجتماعي هن الصديقات.
وشدد د.زقوت على أن الإنسان يقوم بعدة أدوار اجتماعية في حياته بحسب المرحلة العمرية التي يمر بها، ومعها تختلف علاقات الصداقة فتبلى بعضها والبعض الآخر تبقى، لافتاً أن بعض العلاقات الاجتماعية قد تستمر إذا تزوجت الفتاة وصديقتها في المنطقة نفسها وانتقلت علاقتهم بالصداقة إلى الأزواج، وبعضها الآخر تختفي وراء مشاغل الحياة والبعد المكاني، واختلاف المحيط الاجتماعي واختلاف الاهتمامات، وأشار أن تلك الاختلافات تأتي في إطارها الطبيعي، سواء من الناحية الاجتماعية أو النفسية، ولا يمكن اعتبارها ندالة أو خيانة من الصديق بأي حال من الأحوال، وأردف قائلاً:"يجب النظر إلى هذه التغيرات وفق المتغيرات كالإطار الاجتماعي المركز الذي يتبوأه الإنسان والعمر أيضاً وليس النظر لها من باب العواطف".