الإعجاب ما هو؟
هو مرض نفسي اجتماعي ينتشر في المدارس والجامعات بين الفتيات (وكذلك في أوساط الأولاد) ينشأ بسبب الفراغ العاطفي وضعف الشخصية وسذاجة التفكير، وكل هذه الأسباب ناتجة عن التفكك الأسري والتربية السيئة.
علاماته
للإعجاب علامات ومظاهر نستطيع من خلالها معرفة ( الفتاة أو المرأة) الواقعة في الإعجاب.. وهذه العلامات قد تتوفر جميعها فيمن تقع في الإعجاب فتكون المصيبة الكبرى وهذا قليل جداً.. وقد تتوفر فيها بعض هذه العلامات، وهذا هو الغالب فيمن وقعت في هذا الداء.. ثم العلامة الواحدة تكون في المعجبات بدرجات متفاوتة، فمنها الضعيف البسيط الذي يسهل علاجه وهو الغالب في بناتنا، ومنها القوي الخطر الذي يصعب علاجه وهو القليل المستتر الغير واضح للجميع، ومنها ما بين هذا وذاك الذي يمكن علاجه لكنه يحتاج لبعض الوقت وهذا موجود و مشاهد.. ومن هذه العلامات:
1- انشغال القلب بالمعجب بها:
حتى تصبح شغلها الشاغل فقلبها لا ينساها إن نامت فهي معها في أحلامها وإن استيقظت لم تذكر الله بل ذكرتها وكيف سيكون اللقاء معها.. حتى يصل الحال بها والعياذ بالله كما قال ابن القيم رحمه الله: (فلمعشوقه لبه وقلبه وخالص ماله، وربه على الفضلة قد اتخذه وراءه ظهرياً وصار لذكره نسياً، إن قام في خدمته في الصلاة فلسانه يناجي ربه وقلبه يناجي معشوقه، ووجه بدنه إلى القبلة ووجه قلبه إلى المعشوق ينفر من خدمة ربه حتى كأنه واقف في الصلاة على الجمر من ثقلها عليه وتكلفه لفعلها.. فإذا جاءت خدمت المعشوق أقبل عليه بقلبه وبدنه فرحاً بها ناصحاً له فيها خفيفة على قلبه لا يستثقلها ولا يستطيلها).
وقد طرح في الاستبانه سؤال يقول: أثناء الصلاة هل تفكرين بمعجبتك؟ فكانت إجابة (25%) نعم، ومنهن من كان تفكيرهن بدرجات متوسطة.
2- كثرة التحدث معها أو عنها والمبالغة في مدحها:
وهذه نتيجة حتمية لانشغال القلب بها.. فلا تراها إلا جالسة تحادث من أعجبت بها بأحاديث لا فائدة فيها ولا خير.. أو جالسة مع من يكثرن الحديث عنها أو يستمعن إليها حين تتحدث عنها وتصفها بكل الصفات الحسنة ويستحيل أن تذكر فيها عيباً واحداً حتى لو كانت مليئة بالعيوب.
3- الغيرة وهي نوعان
:
FF0000
أ?- الغيرة عليها حين تراها تجلس مع غيرها.. فلو صادف أن رأتها مع غيرها فستبدأ الأسئلة التي لا تنتهي.. لماذا تسلمين على فلانة..؟ كيف تجلسين مع هذه..؟ فيما تحدثت مع تلك..؟ وهكذا سلسلة من الأسئلة المكررة حتى وجد من تغار من زوج معجبتها، تحاول بكل ما استطاعت أن تبذل لها ما يجذبها إليها أكثر من غيرها.
وهنا حقيقة يجب التنبه لها وهي أن الدين كله يقع تحت الغيرة لله سبحانه وتعالى.. فالمسلم يحب ما يحب الله ويكره ما يكرهه ولا يرضى أن تنتهك محارمه أو أن يتحدث فيه أحد بسوء.. فهو الوحيد سبحانه المستحق للغيرة له المطلقة؛ لأن غير الله يخطئ فيستحق أن يعصي ويكون ناقصاً يتحدث في نقصه.. أما الله جل وعلا فهو الذي لا يمكن أن يخطئ فكل ما يجري في الكون لا يكون إلا بتقدير من الله عز وجل وحكم يعلمها (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير).. وهو سبحانه الخالي من النقص والعيوب المستحق للكمال المطلق دون غيره.
4- الحياء المبالغ فيه
:
نرى من وقعت في هذا الداء تتابع ببصرها من أعجبت بها تسلط عليه الأضواء أينما حلت وتجد غاية أنسها في تأملها والنظر إليها حتى إذا ما رأتها تنظر إليها رمت بطرفها نحو الأرض حياء منها بسبب مهابتها لها وعظمتها في صدرها.. حتى إنك قد تمرين على فتاتين جالستين بعضهما مع بعض وكل منهما قد التزمت السكوت إلا من بضع كلمات تقولها على استحياء فإذا سألت: ما بالهن على هذه الحال..؟ جاءتك الإجابة المحزنة المبكية: هاتان معجبتان.. فأي حال وصل ببنات المسلمين....؟!
ولا يعني ذلك أن يكون إغضاء الإنسان طرفه عند رؤية شخص آخر من باب الإعجاب.. بل قد يكون هذا الأمر محموداً إن كان فعله إجلالاً واحتراماً لمن يستحق الإجلال أو الاحترام كالوالد والمعلمة مثلاً.. بل أعظم من هؤلاء الله سبحانه وتعالى، وقد نهى الرسول – صلى الله عليه وسلم – من يقف بين يدي الله في الصلاة أن يرفع عينيه إلى السماء حيث يستوي الله فوق عرشه إجلالاً وتعظيماً لله.
5- الاضطراب عند مواجهة أو سماع اسم من أعجبت بها:
تجد المعجبة بمجرد رؤيتها للمعجب بها تضطرب.. وربما شهقت وخاصة إذا رأتها فجأة، وبعضهن تضطرب لمجرد سماع اسمها حتى لو لم تكون هي المقصودة. وهذا الاضطراب الحاصل من المعجبات منه ما يكون مفتعلا يسهل التغلب عليه من قبل المعجبة لكنها تقع فيه ظناً منها أن ذلك يعطيها اهتماما أكبر من قبل من أعجبت بها، ومنه ما هو اضطراب حقيقي وهذا يكون في الندرة من المعجبات ولا يكون إلا في الدرجات العليا من الإعجاب. ويتجلى الاضطراب في احمرار الوجه وارتعاش الشفتين وغيره عند مقابلة معجبتها.
6- المعاداة والموالاة في المعجبة لا في الله سبحانه:
فهي تكره هؤلاء الناس فقط؛ لأن من أعجبت بها تكرههم حتى وإن كانت لا تعرفهم.. وتحب هؤلاء العابثين اللاهين العصاة، فقط لأن من أعجبت بها تحبهم.
7- فعلها لكل ما يدنيها من المعجب بها وابتعادها عن كل ما يغضبها:
إن هواك الذي بقلبي صيرني سامعاً ومطيعاً!!
فإن أمرتها بأمر سارعت لتنفيذه من غير تفكير أو اقتناع، وإن نهتها عن كل تركته بلا تردد أو جدال.. فهذه فتاة من المعجبات تريد قص شعرها فاستشارت أمها فرفضت ذلك، ولكن الفتاة أصرت ولم تبال بأمها وذهبت إلى المشغل الذي ستقص شعرها فيه وهنا اتصلت بمن أعجبت بها وأخبرتها بما تنوي فعله فقالت لها: لا تقصيه... ومباشرة خرجت من المكان ممتثلة أمر من أعجبت بها..
8- محبة كل ما يتعلق بالمعجبة:
وهذا بحر لا ساحل له.. فهي تحب كل ما تحبه محبوبتها.. تحت اسمها وشكلها وتحب ملابسها ومسكنها، بل تحب كل شيء تقع عليه يدها.
9- التضحية من أجل المعجب بها:
تجود بكل ما تملك في سبيل إرضائها والتقرب إليها.. فتشتري ما غلا من الهدايا لتقدمها لها..وتتمنى لو تحل لها واجباتها وتحمل عنها حقيبتها..
10- التقليد الأعمى:
حتى تمسح صورة المعجبة وتصبح طبق الأصل ممن أعجبت بها.. في قصة شعرها وفي طريقة لبسها ومشيتها وكلامها وضحكاتها وغير ذلك.. ويا ليت هذا التقليد في الأمور المباحة فقط، لكنه حتى في الأمور المحرمة.. فهذه إحدى المعجبات قصت شعرها قصة تعلم تحريمها تقليداً لمن أعجبت بها.. ووجد من قلدت معجبتها في أمور تصل إلى حد الكفر، والعياذ بالله.. فهذه واحدة أعجبت بمعلمة لها على أحد المذاهب الهدامة فما كان منها إلا أن تركت مذهب أهل السنة والجماعة ودخلت في ذلك المذهب تقليداً لمعلمتها، بل وأصبحت من الداعيات إليه...
11- الإحساس بالضيق في المكان الواسع عند فقد من تعجب بها والانبساط الزائد عند وجودها:
فإذا لم تكن معجبتها موجودة تتبرم وتتضايق ولا يكاد يملأ عينها أحد من الحضور وتراها تستثقل من حولها.. وعلى العكس من ذلك حين تحضر معجبتها تراها منبسطة منشرحة الصدر لا يكاد المجلس يتسع لضحكاتها ومزاحها وسرورها
12- ترك الواجبات من أجل من أعجبت بها:
تترك البنات حضور المحاضرات أو الدروس بسبب جلوسها مع معجبتها.. ومنهن من تترك نداء أمها ومساعدتها في أعمال المنزل بحجة أنها مشغولة (بكتابة رسالة لمعجبتها أو الحديث معها عبر الهاتف).
فتجد الفتاة عندما تتوقع أنها ستجالس من أعجبت بها أو حتى ستمر عليها تنشغل بالتزيين والتجمل والتعطر رغبة في جذب من أعجبت بها واستمالة قلبها.. 13- التجمل الزائد المبالغ فيه الذي قد يصل إلى حد الانحراف العاطفي:
14- كتابة اسمها في كل مكان:
فكتبها ملونة باسمها وطاولتها محفور عليها اسمها.. وأحياناً تصل للكتابة على الجسد. فكيف حال هذه وشبيهاتها إذا تفارقت مع من أعجبت بها؛ لأن الإعجاب علاقة نهايته الفراق كما كتبت ذلك الكثير من الأخوات في الاستبانة التي طرحت عليهن...
15- اللمسات الجسدية المشبوهة:
مثل وضع الرأس عل الأخرى ولمس الشعر ومسك الخاصرة وتشبيك الأيدي.. وغيرها من اللمسات المشبوهة، وبعد المعجبات تصل معهن الملامسات المشبوهة إلى حد أكبر من ضم وتقبيل، وقد يصل إلى حد الوقوع في الفاحشة، عياذاً بالله من ذلك.
طرق محاولة ايصال الإعجاب:
? أ-الرسائل الغرامية المصحوبة بالهدايا والورود.. وهذه الرسائل تتخللها عبارات العشق والهيام والغزل.. وقد تتخلل هذه الرسائل بعض عبارات الشرك أو الكفر والعياذ بالله، وهذه العبارات أكثرها جاءت من مصادر شتى منها الأغاني والمجلات الهابطة... ومن أمثلة هذه العبارات والتي جاءت في رسائل المعجبات:
- والله لولا الحياء والخوف من الله لجعلتك الركن السادس في الإسلام.
- ألم تعرفيني إلى الآن..؟ أنا أعشقك.. انتبهي فأنا أراك في كل وقت.
- والله اشتقت لك حيل ما يطفي نار قلبي غير قربك.
- أنت نصفي الآخر شعوري المحسوس كياني الملموس.
?ب- المكالمات الهاتفية.. والتي تمتد لساعات طوال تبدأ فيها المعجبة بوصف مشاعرها وأحاسيسها لمن أعجبت بها بعبارات مليئة بالخضوع والميوعة والتكسر.. ذكرت واحدة أنها تكلم معجبتها في اليوم ست مرات أو أكثر والمكالمة الواحدة قد تمتد لأكثر من ساعة وطبعاً دون أن يكثر في هذه المكالمات فائدة تذكر.. فأي أسلوب لقتل الأوقات أبلغ من هذا...؟
?ج- أسلوب الملاحقة والوسطاء.. وهذه الطريقة تقع فيها من أعمت الفتنة بصرها فلم تستطع محادثة من أعجبت بها أو الوقوف معها فتظل تلاحقها في الممرات والغرف والساحات.. أو ربما تكون أجرأ قليلاً فترسل واسطة تنقل إليها مشاعرها الفاسدة.
?د- شرائط الكاسيت.. حيث تقوم بتسجيل كلماتها الناعمة وعباراتها الرقيقة الشفافة وقد تسجل بعض أبيات الغزل والعشق رغبة في التودد إلى من أعجبت بها..
أخطار الإعجاب
أولاً: أخطار دينية:
إن المتأمل في حال الكثير من المعجبات يجد التضييع الظاهر لأمور عقيدتهن وعبادتهن كالاشتغال بحب المخلوق وذكره (من أعجبت بها) عن حب الله تعالى وذكره إذ لا يجتمع في القلب حبيبين إلا ويقهر أحدهما الآخر وتكون الغلبة والسلطان له على القلب.
وهذا يتضح جلياً فيما نشاهده على فتياتنا الواقعات في الإعجاب فإن الفتاة أول ما تقع في الإعجاب تجدها تذكر من أعجبت بها بين الفينة والأخرى فإن قطعت هذه الأفكار من البداية سلمت من هذا المرض وخلصت محبتها لله.. وإن لم تقطعها استمرت معها الأفكار حتى تلهيها عن ذكر الله وتصرفها عن التلذذ والأنس والسعادة والراحة بعبادة الله تعالى فلا تعد تشعر بطعم الصلاة أو صيام أو بر أو غيرها من العبادات.. طرح سؤال على (47) واقعة في الإعجاب يقول: هل تفكرين في معجبتك أثناء الصلاة؟ فكانت إجابة (38%) منهن نعم… بل هذه إحدى المعجبات تقول: أصلي ولا أشعر أني صليت فصورة من أعجبت بها تلاحقني في سجودي وركوعي وقيامي حتى لم أعد أعرف ماذا أقول في صلاتي…
وقد يستزل الشيطان الأقدام كما سمعت حتى يوقع المعجبة في الجمع بين صلاتين بسبب عذر أوجدته هي لم يوجده الشرع وهو محادثة من أعجبت بها في الهاتف.. وكأنها ما علمت أن تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها لغير عذر شرعي من كبائر الذنوب.
وبعد ذلك ربما يصل بها التساهل إلى الوقوع في الكفر والعياذ بالله كما حكي عن شاب أعجب بآخر كان كلما صلى رآه في صلاته وفي النهاية قال: الأفضل ألا أصلي ما دامت صورته تطاردني، فترك الصلاة.. حتى صار بتركها هارباً من المعصية إلى كبيرة عظيمة يعدها كثير من العلماء كفرا، والعياذ بالله.. الإعجاب يضعف في القلب تعظيم الرب جلّ وعلا.. ومن ذلك أنه ذكر عن إحدى المعجبات أنها سجدت لمعجبتها حتى ترضيها بعد سوء فهم بينهما…
?أ- يؤدي إلى التساهل بالوقوع في أسباب اللعن فمن ذلك ما تفعله بعض المعجبات من التشبه بالرجال فقصة شعرها قصة رجل ومشيتها مشية رجل وصوتها تسعى لتخشينه حتى يصبح كصوت رجل، بل بعضهن ربما بالغت حتى لبست بعض الملابس الخاصة بالرجال وكأنها ما علمت أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – يقول: (لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال).. ومنه ما تفعله بعض المعجبات وغيرهن للتجمل في ظنهن وليس من الجمال شيء من النمص أو لبس الضيق والعاري وغيره.
?ب- يؤدي إلى إضعاف عقيدة الولاء والبراء – الحب والبغض في الله – وقد يؤدي إلى نفي هذه العقيدة كلياً.
بدأ الكثير في هذا العام والذي قبله يكتب في الجرائد والمجلات عن وصول الإعجاب إلى حد الشذوذ والعياذ بالله.. والمتأمل في بعض ما يطرح يظن أن نسبته ليست بالقليلة ممن يقعن في الإعجاب يصل بهن الحال إلى الوقوع في الشذوذ، نسأل الله السلامة.. وأن نسبة (6%) من الواقعات في الإعجاب بينهن انجذاب عاطفي وبدني من تقبيل أو ضم أو غير ذلك مما لا يصل إلى حد الشذوذ، والعشر منهن وقعن في الشذوذ ـ والعياذ بالله ـ كما ذكرن في الاستبانة.
ومما يزيد الأمر خطورة وجود التفكير في ذلك من قبل بعض بناتنا وإن كانوا لم يقعوا بعد... والكل يعلم ما للأفكار من خطورة؛ إذ كل فعل يبدأ بفكرة.. فقد ذكرت لي ثلاث ممن وقعن في هذا الداء أنهن يفكرن في معجباتهن على أنهن رجال ويستغفرن الله من ذلك.
وهذه واحدة تتصل بإحدى الداعيات تطلب حلاً لمشكلتها إذ تقول: أعجبت بواحدة وكثيراً ما أتخيل نفسي أقع معها في الشذوذ.. مع أن هذه المتحدثة وللأسف متزوجة، لكنها تحتج ببرود العواطف بينها وبين زوجها..
ولقد وصل هذا التفكير بأخرى أعجبت بمعلمة أن بدأت تصف علاقة شذوذ وهمية معها لزميلاتها حتى وصل الخبر إلى المعلمة فنزل عليها نزول الصاعقة.
بل هذه إحدى المعلمات ذكرت لي أن إحدى طالباتها جاءتها مستفتية تقول: إذا سلمت على من أعجبت بها ربما أنزل، فما الحكم فيما أنزل: هل هذا يوجب الغسل أو الوضوء..؟
وانتشار الشذوذ في المجتمع خطر من أعظم الأخطار.. وضرر من أكبر الأضرار.. إذ إنه ضرر على الأمة ككل فقد جرت سنة الله في خلقه أنه عند ظهور الفواحش يغضب الرب جل وعلا ويشتد غضبه ولا بد أن يؤثر غضبه في الأرض عقوبة.. قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (ما ظهر الربا والزنا في قرية إلا أذن الله بإهلاكها).
فما جاهرت أمة بالفواحش إلا وانتشرت فيها الأمراض التي لم تكن موجودة في غيرها فهذا الإيدز والهربس وغيرها من الأمراض المستعصية العلاج متى وجدت في الإنسانية … ؟! إنها لم توجد إلا مع انتشار الفواحش وها هي أمم الكفر امتلأت أوبئة الأمراض بسبب مجاهرتهم بالفواحش من زنى ولواط وسحاق..
وضرر على موقع من تقع في هذا الداء العضال، ومنه أنه يشتت القلب ويمرضه إن لم يمتصه وإذا مات القلب فكيف ستكون الحياة..؟ ومنه أن يفسد العقل ويذهب الورع ويفسد المروءة ويدعو للعزوف عن الزواج الذي فيه السكن والخير.. ومنه الهم والغم وضيق الصدر والوحشة التي يضعها الله في قلوب أهل الفواحش حتى تعلوا على الوجه فتكسوه سواداً.. ومنه أن الناس ينظرونها بعين الخيانة فلا يأمنها أحد.. ومنه أنه يجرئ على المعاصي من قطيعة رحم وعقوق وكسب حرام وغيرها.
وبعد الموت تعرض نفسها للعذاب في تنور من نار أعلاه ضيق وأسفله واسع كما أخبر بذلك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وفي يوم القيامة تشتد الجوارح عليها من اليد والرجل والجلد واللسان (يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون).
ذكر أن رجلاً تعلق بحب غلام نصراني وعشقه بشدة فلا ينشرح صدره إلا بذكره ومخالطته وأكثر فيه من الأشعار حتى قال فيه:
إن كان ذنبي عنده الإســـــلام
فقد سعت في نقضه الآثــــام
واختلت الصلاة والصيــــــــام
وجاز في الدين له الحـــــــرام
ولأن من أحب شيئاً غير الله وكله الله إليه؛ فقد كانت آخر كلمات ذلك العاشق البائس وهو يحتضر هي: أفلا أحد يسعدني بنظرة إلى وجه فلان؟! ثم مات.
والناظر إلى حال كثير من المحتضرين يجدهم لا يذكرون إلا ما تعلقت به قلوبهم في حياتهم فإن تعلقت بالله – نسأل الله من فضله – ذكروا الله… وإن تعلقت بغيره من معجبة وغيرها – نسأل السلامة – وكلهم الله إليها فذكروها عند الموت ولم يذكروا الله. ويخشى على من تقع في الإعجاب سوء الخاتمة فتذهب اللذات وتعقب الحسرات وتنقضي الشهوات وتورث الشقوات.
ثانياً: أخطار نفسية
طرح سؤال في الاستبانة يقول: ماذا وجدت في الإعجاب تعب القلب والهم أم السعـــادة…؟ فكانت إجابة (50%) تعب القلب والهم، وإجابة (30%) كليهما، والغالبية العظمى منهن ذكرن أن تعب القلب كان أغلب، وإجابة (10%) السعادة.
وبتتبع ما ورد في الاستبانة تبين أن غالبية من وصل الإعجاب عندهن إلى درجات عالية ذكرن أنهن وجدن في الإعجاب تعب القلب والهم.
وبالنظر إلى ما سبق من نتائج يتضح أن أصحاب الإعجاب في هم وغم وعذاب، وهذا باعترافاتهن.
وأما من ذكرن أن فيه السعادة فمنهن من كانت علاقتهن أصلاً محبة في الله طرأ عليها طارئ بسيط جعل فيها خصلة من خصال المعجبات حتى لم تجد في علاقتها تلك إلا السعادة، ومنهن من طمس على قلوبهن فعذبوا ولم يشعروا فصار حالهم كما ذكر في الحديث: (أحد العصاة حين قال: رب كم أعصيك ولا تعاقبني؟ فقال له الله: عبدي كم عاقبتك ولا تشعر).
كم ترى المسلمة في المدرسة وغيرها من ذليلة تتبع خطوات من أعجبت بها وتسير على هداها حتى تصبح نسخة طبق الأصل منها حتى في الوقوع في المحرمات ذلاً وخذلاناً من الله لها.. وكم ترى الغيورة من معجبة تسعى لإرضاء من أعجبت بها بكل ما تستطيع حتى تتنازل عن حقوقها كأخت لمن أعجبت بها.. تقول إحدى الفتيات: كان عندنا في المدرسة إحدى الزميلات قد أعجبت بإحدى الطالبات وكانت تسمع من معجبتها العبارات المستهزئة وتشاهد منها التعامل الجاف فإذا حدثناها في ذلك، قال: المهم أن تكون راضية ولتفعل بي ما تشاء..!
والله لو صرفت هذا الذل لله لأفلحت في الدنيا والآخرة …
ثالثاً: أضرار أخلاقية:
إن المشاهد للواقعات في الإعجاب يجد أن الحياء مفقود لديهن.. فكم رأينا من الواقعات فيها من يقترفن المعصية بعد المعصية حتى قد يصل بهن إلى الكفر ـ والعياذ بالله ـ دون رادع من حياء.. وقد ترى الواحدة منهن وهي تفعل حركات مخلة بالمروءة أو الآداب ولا يحجزها عن ذلك حياء لا من الناس ولا من رب الناس.. وقد رأيت من هذه الفئة من تقبل معجبتها بين الحين والآخر في جلسة واحدة دون حياء من أحد.. بل ذكرت واحدة في الاستبانة التي وزعت أنها ترى بعض المعجبات تحتضن كل واحدة منهن الأخرى بشغف وبملامسات لا تليق بفتاة مسلمة.. بل وجد ما هو أعظم من ذلك ما يقدح في الحياء كما وضحت في الضرر الثاني من أضرار الإعجاب الدينية.. وبذلك يتضح أن ذلك الحياء الممدوح الذي قال فيه رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (الحياء لا يأتي إلا بخير) ليس موجود عند الكثيرات من تلك الفئة إذ إن قلوبهن قد انسلخت من استقباح القبيح فصارت ترى الباطل حقاً والحق باطلاً.
أخلاق الواقعات في الإعجاب تتأثر بهذه العلاقة بقدر قوة هذه العلاقة أو ضعفها.. فمن كان إعجابها من النوع البسيط الذي لا يكاد يكون محبة في الله لولا مخالفات بسيطة فهذه في الغالب تتأثر أخلاقها تأثراً بسيطاً وقد لا تتأثر… أما أولئك اللاتي بلغن درجات متوسطة أو عالية في الإعجاب فأخلاقهن تتأثر بدرجات كبيرة فهذه إحداهن تكره محادثة الشباب في الهاتف رغبة في إرضاء من أعجبت بها.. وهذه أكثر من واحدة ذكرت في الاستبانة التي طرحت أنهن سرقن ليقدمن هدايا لمعجباتهن.. وأخرى أصبحت تتلفظ على معلماتها بألفاظ نابية حتى تراها معجبتها قوية.. وغير ذلك كثير مما يحدث لأخلاق هؤلاء.
رابعاً: أضرار اجتماعية:
أما عن علاقة الواقعة في الإعجاب بأسرتها فحدث عنها ولا حرج، وخاصة لمن بلغت فيه درجات عالية.. فهذه من أصبحت في البيت سلبية لا تقدم ولا تأخر تطلب منها أمها الطلب تلو الطلب ولا تنفذ منه شيء بحجة أنها مشغولة… ولكن ما هذا الشغل؟! إنها إما كتابة رسالة لمن أعجبت بها أو محادثتها.
وأما عن أقاربها فلم تعد تتصل بهم ولا تسأل عن حالهم بل لم تعد حتى تستقبلهم بنفس الترحاب الذي كان قبل ذلك لأنها لم تعد تشعر إلا بمن أعجبت بها.
ذكرت إحدى الأستاذات أنه كان عندها إحدى التلميذات أعجبت بمعلمة وهذه التلميذة لم تدرك أنه إعجاب.. بل كانت تتغافل عن مراجعة نفسها لتتعرف على حقيقة هذه العلاقة وكان لها صاحبات خير نصحنها فلم تستجب فبدأت العلاقة بينهن تضعف حتى تركناها، تقول: فجاءت هذه التلميذة شاكية لحالها مع صاحباتها وهجرانهن لها فبدأت أوضح لها الأمر بشكل غير مباشر لعلها تدرك ماهية العلاقة بمعلمتها وما جرّت عليها من مساوئ… وأي شيء عظيم فقدته تلك ومن كانت على شاكلتها … ؟! لقد فقدت اللواتي يحاربن معها عدوها وعدوهن ويعنّها على التخلص من كيده الضعيف (إن كيد الشيطان كان ضعيفاً) لقد فقدت من سعادتها في قربهن ومجاورتهن وموالاتهن، وهلاكها في تركها لهن ومن كنّ على طريقهن واتصالها بمن لا تنفعها في الدنيا والآخرة.
وكذلك فإن العلاقة مع الرفيقات السابقات حتى ولو كن غير مستقيمات قد تضعف إما لكونهن غير مقتنعات بمن أعجبت بها صاحبتهن أو لغيرة تنشأ بينهن إذا حكت لهن عن مدى ما وصلت إليه علاقتها بمن أعجبت بها.
لا شك أن الإعجاب يؤدي إلى إيجاد جيل من المربيات غير الصالحات لتربية أبناء المستقبل.. إذ همّ إحداهن من قصة شعر، أو رسالة تكتبها، أو أغنية تسمعها، أو غير ذلك مما يشغل بعض المعجبات من الأمور التافهات.. وقد رأينا وللأسف من تبلغ في الإعجاب درجات عالية وهي متزوجة ولها أبناء.. فبالله كيف ستربي هذه جيلاً يرفع راية الإسلام ويعيد لنا عز المسلمين بين الأمم.. ؟!
خامساً: أضرار جسدية:
الإعجاب مرض نفسي يصيب بعض الفتيات وهذا المرض قد يؤثر على صحة الجسد وذلك إما لإهمال الواقعة في هذا الداء لأوقات تناول الطعام فتأكل الطعام بغير ترتيب وقد لا تأكل أصلاً ما يسد حاجتها حتى يضرها ذلك … وقد يتضرر جسدها بسبب قلة النوم المتواصل. وأما إذا كان الإعجاب من النوع الخطير الذي يصل إلى حد الشذوذ فإن ذلك يؤثر على صحة الجسد تأثيراً واضحاً.
وعن الأضرار الجسدية التي يتركها الإعجاب على صاحبته تقول الدكتورة فادية أبو النيل اختصاصية نساء وولادة من مركز عمر العجاجي الطبي: إنه بالنسبة للشذوذ الجنسي بين الفتيات من الممكن أن ينتقل عنه مرض الإيدز وكل الأمراض المعدية جنسياً كالفطريات والتراكوما فالإيدز فترة الحضانة فيه تأخذ ما بين ثمانية أسابيع إلى خمسة عشر عاماً؛ لذا نجد أنه من أخطر وأشهر الأمراض التي تنتقل من الشذوذ الجنسي بين الفتيات ناهيك إذا كانت البنت مصابة بالوبائي الكبدي أو مرض معدي جنسياً كفيروس الهربس التناسلي الذي له دواء يقلل من ظهور الأعراض ولا ينهيه نهائياً.
و توضح الدكتورة ميرفت سعيد عبد الحميد اختصاصية نساء وولادة في مستشفى المبارك: إن الشذوذ المحرم ينجم عنه مشاكل صحية مثل الالتهابات الشديدة وقد تفقد الفتاة غشاء البكارة، هذا غير ما ينجم من التهاب في الحوض وذلك بدوره يؤثر على الحمل أو يمنعه أو يحتاج لعلاج مكثف (من جريدة الجزيرة بتاريخ 20 من صفر 1422هـ ـ العدد 10809 -).
سادساً: أضرار ثقافية وعلمية:
في استبانة وزعت على (800) من الواقعات في الإعجاب طرح سؤال يقول: هل تأثر مستواك التعليمي مع هذه العلاقة.. ؟ فكانت إجابة: (24%) تأثر مستواهن التعليمي بهذه العلاقة … (70%) لم يتأثر.
والناظر لنتائج تلك الإستبانة يجد الربع تقريباً قد تأثر مستواهن التعليمي، ولا شك أن ذلك مؤشر خطير ينبئ بتدهور العلم والثقافة والأسباب تافهة.. وهذا خطير على أمتنا الإسلامية ويؤدي بها إلى ارتفاع نسبة الجهل المركب فيها.
وبالنظر فيما سبق من مظاهر وأخطار للإعجاب يجده مضيعة للأوقات وأي مضيعة.. فبعض المعجبات تبقى في المكالمة الواحدة ثلاث أو أربع ساعات وربما تبقى ساعة لكن تتصل في اليوم خمس إلى ست مرات.. والبعض يبقى على الهاتف أكثر من ذلك والبعض أقل.. أما ما تمكثه المعجبات في كتابة الرسالة الواحدة فالبعض يمكث ساعة كاملة والبعض أكثر والبعض أقل.. ومن الأوقات ما تضيعه المعجبات في الإعداد النفسي أو الجسمي للقاء الذي سيكون مع المعجبات والذي قد تمكث فيه المعجبة ساعات طويلة.
ونحن إذ عرضنا لظاهرة الإعجاب بين الفتيات وسلبياتها لا بد أن نشير في حديثنا إلى ما هو أرقى وأفضل لعلاقة تجمع بين الصديقات بحب هو من أسمى المعاني؛ الحب في الله والذي فضلنا به نحن معاشر المؤمنين من فضل الله علينا معاشر المؤمنين أن جعل لنا إذا اتبعنا أوامره الثواب والأجر العظيم الذي لا يقارن بالمشقة الحاصلة لنا من هذه الطاعة.. بل إنه سبحانه يثيبنا على عمل الصالحات حتى لو كانت موافقة لما في أنفسنا من حاجات.. ومن ذلك تلك الأوسمة التي أعطاها الله للمتحابين في جلال الله، ومنها:
- أنها سبب لمحبة الله للعبد قال عليه الصلاة والسلام: (قال الله عز وجل: وجبت محبتي للمتحابين في! ….) رواه أحمد والحاكم والطبراني والبيهقي وصححه الألباني. فنرى أنفسنا نحن العباد الضعفاء يتكرم علينا بمحبته ملك الملوك وقيوم السماوات ولأرض لأجل محبتنا فيه؟
- إن الله سبحانه يظل المتحابين في جلاله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، قال – صلى الله عليه وسلم -: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله – وذكر منهم – ورجلان تحابّا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه) هذا الظل متى يكون…؟ إنه في يوم تقترب الشمس من الخلائق قدر ميل فيصيبهم حرها ولهيبها فيحتاجون لمن يظلهم منها.
- إن الله يكرم من أحب عبداً لله قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: (ما أحب عبدُ عبداً لله إلا أكرمه الله). وإكرام الله للمرء يشمل إكرامه بالإيمان والعلم النافع والعمل الصالح وسائر صنوف النعم.
- أن الحب في الله سبب لتذوق حلاوة الإيمان وطعمه، قال – صلى الله عليه وسلم -: (لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى يحب المرء لا يحبه إلا لله…) رواه البخاري ومسلم. فيا من تفقدين حلاوة الإيمان وتفقدين اللذة عند أداء العبادات عليك بالمحبة الخالصة في الله فأنها طريق لتذوق حلاوة الإيمان.
- أنه دليل على كمال إيمان العبد، قال – صلى الله عليه وسلم -: (من أعطى لله ومنع لله وأحب لله وأبغض لله وأنكح لله فقد استكمل إيمانه) رواه الترمذي.
- أن المرء بمحبته لأهل الخير والصلاح يلتحق بهم ويصل إلى مراتبهم وإن لم يكن عمله بالغاً مبلغهم، عن أنس رضي الله عنه أن رجلاً سأل النبي – صلى الله عليه وسلم – متى الساعة؟ قال: (ما أعددت لها؟) قال: ما أعددت من كثير صلاة ولا صوم ولا صدقة ولكني أحب الله ورسوله. قال: (أنت مع من أحببت) قال أنس: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: (أنت مع من أحببت) فأنا أحب النبي – صلى الله عليه وسلم – وأبا بكر وعمر وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم. رواه البخاري ومسلم.
- أن المتحابين في الله لهم منابر من نور يغبطهم عليها النبيون والشهداء، قال – صلى الله عليه وسلم -: (قال الله تعالى المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء) رواه الترمذي وصححه الألباني.
- أن المتحابين في الله بينهم عقد مستمر صورة النبي – صلى الله عليه وسلم – واستمعي إليه يا من كنت تحبين أن تجدي لك يوم القيامة من يدافع عنك، يقول – صلى الله عليه وسلم -: (فما مجادلة أحدكم لصاحبه في الحق يكون له في الدنيا أشد مجادلة من المؤمنين لربهم في إخوانهم الذين أدخلوا النار) قال: (يقولون ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويحجون معنا فأدخلتهم النار فيقول اذهبوا فاخرجوا من عرفتم منهم فيخرجونهم ثم يأذن لهم فيخرجون من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان).
همسة
هذا بعض الفضل الذي أعده الله للمتحابين في جلاله.. فأيهما أفضل: الأجر والحلاوة والسعادة.. أم ذلك الخطر والعذاب والإثم والهم والغم المتمثل في الإعجاب؟!
سؤال يجب أن نطرحه على أنفسنا قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه الندم.
الموضوع منقول
هو مرض نفسي اجتماعي ينتشر في المدارس والجامعات بين الفتيات (وكذلك في أوساط الأولاد) ينشأ بسبب الفراغ العاطفي وضعف الشخصية وسذاجة التفكير، وكل هذه الأسباب ناتجة عن التفكك الأسري والتربية السيئة.
للإعجاب علامات ومظاهر نستطيع من خلالها معرفة ( الفتاة أو المرأة) الواقعة في الإعجاب.. وهذه العلامات قد تتوفر جميعها فيمن تقع في الإعجاب فتكون المصيبة الكبرى وهذا قليل جداً.. وقد تتوفر فيها بعض هذه العلامات، وهذا هو الغالب فيمن وقعت في هذا الداء.. ثم العلامة الواحدة تكون في المعجبات بدرجات متفاوتة، فمنها الضعيف البسيط الذي يسهل علاجه وهو الغالب في بناتنا، ومنها القوي الخطر الذي يصعب علاجه وهو القليل المستتر الغير واضح للجميع، ومنها ما بين هذا وذاك الذي يمكن علاجه لكنه يحتاج لبعض الوقت وهذا موجود و مشاهد.. ومن هذه العلامات:
1- انشغال القلب بالمعجب بها:
حتى تصبح شغلها الشاغل فقلبها لا ينساها إن نامت فهي معها في أحلامها وإن استيقظت لم تذكر الله بل ذكرتها وكيف سيكون اللقاء معها.. حتى يصل الحال بها والعياذ بالله كما قال ابن القيم رحمه الله: (فلمعشوقه لبه وقلبه وخالص ماله، وربه على الفضلة قد اتخذه وراءه ظهرياً وصار لذكره نسياً، إن قام في خدمته في الصلاة فلسانه يناجي ربه وقلبه يناجي معشوقه، ووجه بدنه إلى القبلة ووجه قلبه إلى المعشوق ينفر من خدمة ربه حتى كأنه واقف في الصلاة على الجمر من ثقلها عليه وتكلفه لفعلها.. فإذا جاءت خدمت المعشوق أقبل عليه بقلبه وبدنه فرحاً بها ناصحاً له فيها خفيفة على قلبه لا يستثقلها ولا يستطيلها).
وقد طرح في الاستبانه سؤال يقول: أثناء الصلاة هل تفكرين بمعجبتك؟ فكانت إجابة (25%) نعم، ومنهن من كان تفكيرهن بدرجات متوسطة.
2- كثرة التحدث معها أو عنها والمبالغة في مدحها:
وهذه نتيجة حتمية لانشغال القلب بها.. فلا تراها إلا جالسة تحادث من أعجبت بها بأحاديث لا فائدة فيها ولا خير.. أو جالسة مع من يكثرن الحديث عنها أو يستمعن إليها حين تتحدث عنها وتصفها بكل الصفات الحسنة ويستحيل أن تذكر فيها عيباً واحداً حتى لو كانت مليئة بالعيوب.
3- الغيرة وهي نوعان
:
FF0000
أ?- الغيرة عليها حين تراها تجلس مع غيرها.. فلو صادف أن رأتها مع غيرها فستبدأ الأسئلة التي لا تنتهي.. لماذا تسلمين على فلانة..؟ كيف تجلسين مع هذه..؟ فيما تحدثت مع تلك..؟ وهكذا سلسلة من الأسئلة المكررة حتى وجد من تغار من زوج معجبتها، تحاول بكل ما استطاعت أن تبذل لها ما يجذبها إليها أكثر من غيرها.
وهنا حقيقة يجب التنبه لها وهي أن الدين كله يقع تحت الغيرة لله سبحانه وتعالى.. فالمسلم يحب ما يحب الله ويكره ما يكرهه ولا يرضى أن تنتهك محارمه أو أن يتحدث فيه أحد بسوء.. فهو الوحيد سبحانه المستحق للغيرة له المطلقة؛ لأن غير الله يخطئ فيستحق أن يعصي ويكون ناقصاً يتحدث في نقصه.. أما الله جل وعلا فهو الذي لا يمكن أن يخطئ فكل ما يجري في الكون لا يكون إلا بتقدير من الله عز وجل وحكم يعلمها (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير).. وهو سبحانه الخالي من النقص والعيوب المستحق للكمال المطلق دون غيره.
4- الحياء المبالغ فيه
:
نرى من وقعت في هذا الداء تتابع ببصرها من أعجبت بها تسلط عليه الأضواء أينما حلت وتجد غاية أنسها في تأملها والنظر إليها حتى إذا ما رأتها تنظر إليها رمت بطرفها نحو الأرض حياء منها بسبب مهابتها لها وعظمتها في صدرها.. حتى إنك قد تمرين على فتاتين جالستين بعضهما مع بعض وكل منهما قد التزمت السكوت إلا من بضع كلمات تقولها على استحياء فإذا سألت: ما بالهن على هذه الحال..؟ جاءتك الإجابة المحزنة المبكية: هاتان معجبتان.. فأي حال وصل ببنات المسلمين....؟!
ولا يعني ذلك أن يكون إغضاء الإنسان طرفه عند رؤية شخص آخر من باب الإعجاب.. بل قد يكون هذا الأمر محموداً إن كان فعله إجلالاً واحتراماً لمن يستحق الإجلال أو الاحترام كالوالد والمعلمة مثلاً.. بل أعظم من هؤلاء الله سبحانه وتعالى، وقد نهى الرسول – صلى الله عليه وسلم – من يقف بين يدي الله في الصلاة أن يرفع عينيه إلى السماء حيث يستوي الله فوق عرشه إجلالاً وتعظيماً لله.
5- الاضطراب عند مواجهة أو سماع اسم من أعجبت بها:
تجد المعجبة بمجرد رؤيتها للمعجب بها تضطرب.. وربما شهقت وخاصة إذا رأتها فجأة، وبعضهن تضطرب لمجرد سماع اسمها حتى لو لم تكون هي المقصودة. وهذا الاضطراب الحاصل من المعجبات منه ما يكون مفتعلا يسهل التغلب عليه من قبل المعجبة لكنها تقع فيه ظناً منها أن ذلك يعطيها اهتماما أكبر من قبل من أعجبت بها، ومنه ما هو اضطراب حقيقي وهذا يكون في الندرة من المعجبات ولا يكون إلا في الدرجات العليا من الإعجاب. ويتجلى الاضطراب في احمرار الوجه وارتعاش الشفتين وغيره عند مقابلة معجبتها.
6- المعاداة والموالاة في المعجبة لا في الله سبحانه:
فهي تكره هؤلاء الناس فقط؛ لأن من أعجبت بها تكرههم حتى وإن كانت لا تعرفهم.. وتحب هؤلاء العابثين اللاهين العصاة، فقط لأن من أعجبت بها تحبهم.
7- فعلها لكل ما يدنيها من المعجب بها وابتعادها عن كل ما يغضبها:
إن هواك الذي بقلبي صيرني سامعاً ومطيعاً!!
فإن أمرتها بأمر سارعت لتنفيذه من غير تفكير أو اقتناع، وإن نهتها عن كل تركته بلا تردد أو جدال.. فهذه فتاة من المعجبات تريد قص شعرها فاستشارت أمها فرفضت ذلك، ولكن الفتاة أصرت ولم تبال بأمها وذهبت إلى المشغل الذي ستقص شعرها فيه وهنا اتصلت بمن أعجبت بها وأخبرتها بما تنوي فعله فقالت لها: لا تقصيه... ومباشرة خرجت من المكان ممتثلة أمر من أعجبت بها..
8- محبة كل ما يتعلق بالمعجبة:
وهذا بحر لا ساحل له.. فهي تحب كل ما تحبه محبوبتها.. تحت اسمها وشكلها وتحب ملابسها ومسكنها، بل تحب كل شيء تقع عليه يدها.
9- التضحية من أجل المعجب بها:
تجود بكل ما تملك في سبيل إرضائها والتقرب إليها.. فتشتري ما غلا من الهدايا لتقدمها لها..وتتمنى لو تحل لها واجباتها وتحمل عنها حقيبتها..
10- التقليد الأعمى:
حتى تمسح صورة المعجبة وتصبح طبق الأصل ممن أعجبت بها.. في قصة شعرها وفي طريقة لبسها ومشيتها وكلامها وضحكاتها وغير ذلك.. ويا ليت هذا التقليد في الأمور المباحة فقط، لكنه حتى في الأمور المحرمة.. فهذه إحدى المعجبات قصت شعرها قصة تعلم تحريمها تقليداً لمن أعجبت بها.. ووجد من قلدت معجبتها في أمور تصل إلى حد الكفر، والعياذ بالله.. فهذه واحدة أعجبت بمعلمة لها على أحد المذاهب الهدامة فما كان منها إلا أن تركت مذهب أهل السنة والجماعة ودخلت في ذلك المذهب تقليداً لمعلمتها، بل وأصبحت من الداعيات إليه...
11- الإحساس بالضيق في المكان الواسع عند فقد من تعجب بها والانبساط الزائد عند وجودها:
فإذا لم تكن معجبتها موجودة تتبرم وتتضايق ولا يكاد يملأ عينها أحد من الحضور وتراها تستثقل من حولها.. وعلى العكس من ذلك حين تحضر معجبتها تراها منبسطة منشرحة الصدر لا يكاد المجلس يتسع لضحكاتها ومزاحها وسرورها
12- ترك الواجبات من أجل من أعجبت بها:
تترك البنات حضور المحاضرات أو الدروس بسبب جلوسها مع معجبتها.. ومنهن من تترك نداء أمها ومساعدتها في أعمال المنزل بحجة أنها مشغولة (بكتابة رسالة لمعجبتها أو الحديث معها عبر الهاتف).
فتجد الفتاة عندما تتوقع أنها ستجالس من أعجبت بها أو حتى ستمر عليها تنشغل بالتزيين والتجمل والتعطر رغبة في جذب من أعجبت بها واستمالة قلبها.. 13- التجمل الزائد المبالغ فيه الذي قد يصل إلى حد الانحراف العاطفي:
14- كتابة اسمها في كل مكان:
فكتبها ملونة باسمها وطاولتها محفور عليها اسمها.. وأحياناً تصل للكتابة على الجسد. فكيف حال هذه وشبيهاتها إذا تفارقت مع من أعجبت بها؛ لأن الإعجاب علاقة نهايته الفراق كما كتبت ذلك الكثير من الأخوات في الاستبانة التي طرحت عليهن...
15- اللمسات الجسدية المشبوهة:
مثل وضع الرأس عل الأخرى ولمس الشعر ومسك الخاصرة وتشبيك الأيدي.. وغيرها من اللمسات المشبوهة، وبعد المعجبات تصل معهن الملامسات المشبوهة إلى حد أكبر من ضم وتقبيل، وقد يصل إلى حد الوقوع في الفاحشة، عياذاً بالله من ذلك.
طرق محاولة ايصال الإعجاب:
? أ-الرسائل الغرامية المصحوبة بالهدايا والورود.. وهذه الرسائل تتخللها عبارات العشق والهيام والغزل.. وقد تتخلل هذه الرسائل بعض عبارات الشرك أو الكفر والعياذ بالله، وهذه العبارات أكثرها جاءت من مصادر شتى منها الأغاني والمجلات الهابطة... ومن أمثلة هذه العبارات والتي جاءت في رسائل المعجبات:
- والله لولا الحياء والخوف من الله لجعلتك الركن السادس في الإسلام.
- ألم تعرفيني إلى الآن..؟ أنا أعشقك.. انتبهي فأنا أراك في كل وقت.
- والله اشتقت لك حيل ما يطفي نار قلبي غير قربك.
- أنت نصفي الآخر شعوري المحسوس كياني الملموس.
?ب- المكالمات الهاتفية.. والتي تمتد لساعات طوال تبدأ فيها المعجبة بوصف مشاعرها وأحاسيسها لمن أعجبت بها بعبارات مليئة بالخضوع والميوعة والتكسر.. ذكرت واحدة أنها تكلم معجبتها في اليوم ست مرات أو أكثر والمكالمة الواحدة قد تمتد لأكثر من ساعة وطبعاً دون أن يكثر في هذه المكالمات فائدة تذكر.. فأي أسلوب لقتل الأوقات أبلغ من هذا...؟
?ج- أسلوب الملاحقة والوسطاء.. وهذه الطريقة تقع فيها من أعمت الفتنة بصرها فلم تستطع محادثة من أعجبت بها أو الوقوف معها فتظل تلاحقها في الممرات والغرف والساحات.. أو ربما تكون أجرأ قليلاً فترسل واسطة تنقل إليها مشاعرها الفاسدة.
?د- شرائط الكاسيت.. حيث تقوم بتسجيل كلماتها الناعمة وعباراتها الرقيقة الشفافة وقد تسجل بعض أبيات الغزل والعشق رغبة في التودد إلى من أعجبت بها..
أخطار الإعجاب
أولاً: أخطار دينية:
إن المتأمل في حال الكثير من المعجبات يجد التضييع الظاهر لأمور عقيدتهن وعبادتهن كالاشتغال بحب المخلوق وذكره (من أعجبت بها) عن حب الله تعالى وذكره إذ لا يجتمع في القلب حبيبين إلا ويقهر أحدهما الآخر وتكون الغلبة والسلطان له على القلب.
وهذا يتضح جلياً فيما نشاهده على فتياتنا الواقعات في الإعجاب فإن الفتاة أول ما تقع في الإعجاب تجدها تذكر من أعجبت بها بين الفينة والأخرى فإن قطعت هذه الأفكار من البداية سلمت من هذا المرض وخلصت محبتها لله.. وإن لم تقطعها استمرت معها الأفكار حتى تلهيها عن ذكر الله وتصرفها عن التلذذ والأنس والسعادة والراحة بعبادة الله تعالى فلا تعد تشعر بطعم الصلاة أو صيام أو بر أو غيرها من العبادات.. طرح سؤال على (47) واقعة في الإعجاب يقول: هل تفكرين في معجبتك أثناء الصلاة؟ فكانت إجابة (38%) منهن نعم… بل هذه إحدى المعجبات تقول: أصلي ولا أشعر أني صليت فصورة من أعجبت بها تلاحقني في سجودي وركوعي وقيامي حتى لم أعد أعرف ماذا أقول في صلاتي…
وقد يستزل الشيطان الأقدام كما سمعت حتى يوقع المعجبة في الجمع بين صلاتين بسبب عذر أوجدته هي لم يوجده الشرع وهو محادثة من أعجبت بها في الهاتف.. وكأنها ما علمت أن تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها لغير عذر شرعي من كبائر الذنوب.
وبعد ذلك ربما يصل بها التساهل إلى الوقوع في الكفر والعياذ بالله كما حكي عن شاب أعجب بآخر كان كلما صلى رآه في صلاته وفي النهاية قال: الأفضل ألا أصلي ما دامت صورته تطاردني، فترك الصلاة.. حتى صار بتركها هارباً من المعصية إلى كبيرة عظيمة يعدها كثير من العلماء كفرا، والعياذ بالله.. الإعجاب يضعف في القلب تعظيم الرب جلّ وعلا.. ومن ذلك أنه ذكر عن إحدى المعجبات أنها سجدت لمعجبتها حتى ترضيها بعد سوء فهم بينهما…
?أ- يؤدي إلى التساهل بالوقوع في أسباب اللعن فمن ذلك ما تفعله بعض المعجبات من التشبه بالرجال فقصة شعرها قصة رجل ومشيتها مشية رجل وصوتها تسعى لتخشينه حتى يصبح كصوت رجل، بل بعضهن ربما بالغت حتى لبست بعض الملابس الخاصة بالرجال وكأنها ما علمت أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – يقول: (لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال).. ومنه ما تفعله بعض المعجبات وغيرهن للتجمل في ظنهن وليس من الجمال شيء من النمص أو لبس الضيق والعاري وغيره.
?ب- يؤدي إلى إضعاف عقيدة الولاء والبراء – الحب والبغض في الله – وقد يؤدي إلى نفي هذه العقيدة كلياً.
بدأ الكثير في هذا العام والذي قبله يكتب في الجرائد والمجلات عن وصول الإعجاب إلى حد الشذوذ والعياذ بالله.. والمتأمل في بعض ما يطرح يظن أن نسبته ليست بالقليلة ممن يقعن في الإعجاب يصل بهن الحال إلى الوقوع في الشذوذ، نسأل الله السلامة.. وأن نسبة (6%) من الواقعات في الإعجاب بينهن انجذاب عاطفي وبدني من تقبيل أو ضم أو غير ذلك مما لا يصل إلى حد الشذوذ، والعشر منهن وقعن في الشذوذ ـ والعياذ بالله ـ كما ذكرن في الاستبانة.
ومما يزيد الأمر خطورة وجود التفكير في ذلك من قبل بعض بناتنا وإن كانوا لم يقعوا بعد... والكل يعلم ما للأفكار من خطورة؛ إذ كل فعل يبدأ بفكرة.. فقد ذكرت لي ثلاث ممن وقعن في هذا الداء أنهن يفكرن في معجباتهن على أنهن رجال ويستغفرن الله من ذلك.
وهذه واحدة تتصل بإحدى الداعيات تطلب حلاً لمشكلتها إذ تقول: أعجبت بواحدة وكثيراً ما أتخيل نفسي أقع معها في الشذوذ.. مع أن هذه المتحدثة وللأسف متزوجة، لكنها تحتج ببرود العواطف بينها وبين زوجها..
ولقد وصل هذا التفكير بأخرى أعجبت بمعلمة أن بدأت تصف علاقة شذوذ وهمية معها لزميلاتها حتى وصل الخبر إلى المعلمة فنزل عليها نزول الصاعقة.
بل هذه إحدى المعلمات ذكرت لي أن إحدى طالباتها جاءتها مستفتية تقول: إذا سلمت على من أعجبت بها ربما أنزل، فما الحكم فيما أنزل: هل هذا يوجب الغسل أو الوضوء..؟
وانتشار الشذوذ في المجتمع خطر من أعظم الأخطار.. وضرر من أكبر الأضرار.. إذ إنه ضرر على الأمة ككل فقد جرت سنة الله في خلقه أنه عند ظهور الفواحش يغضب الرب جل وعلا ويشتد غضبه ولا بد أن يؤثر غضبه في الأرض عقوبة.. قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (ما ظهر الربا والزنا في قرية إلا أذن الله بإهلاكها).
فما جاهرت أمة بالفواحش إلا وانتشرت فيها الأمراض التي لم تكن موجودة في غيرها فهذا الإيدز والهربس وغيرها من الأمراض المستعصية العلاج متى وجدت في الإنسانية … ؟! إنها لم توجد إلا مع انتشار الفواحش وها هي أمم الكفر امتلأت أوبئة الأمراض بسبب مجاهرتهم بالفواحش من زنى ولواط وسحاق..
وضرر على موقع من تقع في هذا الداء العضال، ومنه أنه يشتت القلب ويمرضه إن لم يمتصه وإذا مات القلب فكيف ستكون الحياة..؟ ومنه أن يفسد العقل ويذهب الورع ويفسد المروءة ويدعو للعزوف عن الزواج الذي فيه السكن والخير.. ومنه الهم والغم وضيق الصدر والوحشة التي يضعها الله في قلوب أهل الفواحش حتى تعلوا على الوجه فتكسوه سواداً.. ومنه أن الناس ينظرونها بعين الخيانة فلا يأمنها أحد.. ومنه أنه يجرئ على المعاصي من قطيعة رحم وعقوق وكسب حرام وغيرها.
وبعد الموت تعرض نفسها للعذاب في تنور من نار أعلاه ضيق وأسفله واسع كما أخبر بذلك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وفي يوم القيامة تشتد الجوارح عليها من اليد والرجل والجلد واللسان (يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون).
ذكر أن رجلاً تعلق بحب غلام نصراني وعشقه بشدة فلا ينشرح صدره إلا بذكره ومخالطته وأكثر فيه من الأشعار حتى قال فيه:
إن كان ذنبي عنده الإســـــلام
فقد سعت في نقضه الآثــــام
واختلت الصلاة والصيــــــــام
وجاز في الدين له الحـــــــرام
ولأن من أحب شيئاً غير الله وكله الله إليه؛ فقد كانت آخر كلمات ذلك العاشق البائس وهو يحتضر هي: أفلا أحد يسعدني بنظرة إلى وجه فلان؟! ثم مات.
والناظر إلى حال كثير من المحتضرين يجدهم لا يذكرون إلا ما تعلقت به قلوبهم في حياتهم فإن تعلقت بالله – نسأل الله من فضله – ذكروا الله… وإن تعلقت بغيره من معجبة وغيرها – نسأل السلامة – وكلهم الله إليها فذكروها عند الموت ولم يذكروا الله. ويخشى على من تقع في الإعجاب سوء الخاتمة فتذهب اللذات وتعقب الحسرات وتنقضي الشهوات وتورث الشقوات.
ثانياً: أخطار نفسية
طرح سؤال في الاستبانة يقول: ماذا وجدت في الإعجاب تعب القلب والهم أم السعـــادة…؟ فكانت إجابة (50%) تعب القلب والهم، وإجابة (30%) كليهما، والغالبية العظمى منهن ذكرن أن تعب القلب كان أغلب، وإجابة (10%) السعادة.
وبتتبع ما ورد في الاستبانة تبين أن غالبية من وصل الإعجاب عندهن إلى درجات عالية ذكرن أنهن وجدن في الإعجاب تعب القلب والهم.
وبالنظر إلى ما سبق من نتائج يتضح أن أصحاب الإعجاب في هم وغم وعذاب، وهذا باعترافاتهن.
وأما من ذكرن أن فيه السعادة فمنهن من كانت علاقتهن أصلاً محبة في الله طرأ عليها طارئ بسيط جعل فيها خصلة من خصال المعجبات حتى لم تجد في علاقتها تلك إلا السعادة، ومنهن من طمس على قلوبهن فعذبوا ولم يشعروا فصار حالهم كما ذكر في الحديث: (أحد العصاة حين قال: رب كم أعصيك ولا تعاقبني؟ فقال له الله: عبدي كم عاقبتك ولا تشعر).
كم ترى المسلمة في المدرسة وغيرها من ذليلة تتبع خطوات من أعجبت بها وتسير على هداها حتى تصبح نسخة طبق الأصل منها حتى في الوقوع في المحرمات ذلاً وخذلاناً من الله لها.. وكم ترى الغيورة من معجبة تسعى لإرضاء من أعجبت بها بكل ما تستطيع حتى تتنازل عن حقوقها كأخت لمن أعجبت بها.. تقول إحدى الفتيات: كان عندنا في المدرسة إحدى الزميلات قد أعجبت بإحدى الطالبات وكانت تسمع من معجبتها العبارات المستهزئة وتشاهد منها التعامل الجاف فإذا حدثناها في ذلك، قال: المهم أن تكون راضية ولتفعل بي ما تشاء..!
والله لو صرفت هذا الذل لله لأفلحت في الدنيا والآخرة …
ثالثاً: أضرار أخلاقية:
إن المشاهد للواقعات في الإعجاب يجد أن الحياء مفقود لديهن.. فكم رأينا من الواقعات فيها من يقترفن المعصية بعد المعصية حتى قد يصل بهن إلى الكفر ـ والعياذ بالله ـ دون رادع من حياء.. وقد ترى الواحدة منهن وهي تفعل حركات مخلة بالمروءة أو الآداب ولا يحجزها عن ذلك حياء لا من الناس ولا من رب الناس.. وقد رأيت من هذه الفئة من تقبل معجبتها بين الحين والآخر في جلسة واحدة دون حياء من أحد.. بل ذكرت واحدة في الاستبانة التي وزعت أنها ترى بعض المعجبات تحتضن كل واحدة منهن الأخرى بشغف وبملامسات لا تليق بفتاة مسلمة.. بل وجد ما هو أعظم من ذلك ما يقدح في الحياء كما وضحت في الضرر الثاني من أضرار الإعجاب الدينية.. وبذلك يتضح أن ذلك الحياء الممدوح الذي قال فيه رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (الحياء لا يأتي إلا بخير) ليس موجود عند الكثيرات من تلك الفئة إذ إن قلوبهن قد انسلخت من استقباح القبيح فصارت ترى الباطل حقاً والحق باطلاً.
أخلاق الواقعات في الإعجاب تتأثر بهذه العلاقة بقدر قوة هذه العلاقة أو ضعفها.. فمن كان إعجابها من النوع البسيط الذي لا يكاد يكون محبة في الله لولا مخالفات بسيطة فهذه في الغالب تتأثر أخلاقها تأثراً بسيطاً وقد لا تتأثر… أما أولئك اللاتي بلغن درجات متوسطة أو عالية في الإعجاب فأخلاقهن تتأثر بدرجات كبيرة فهذه إحداهن تكره محادثة الشباب في الهاتف رغبة في إرضاء من أعجبت بها.. وهذه أكثر من واحدة ذكرت في الاستبانة التي طرحت أنهن سرقن ليقدمن هدايا لمعجباتهن.. وأخرى أصبحت تتلفظ على معلماتها بألفاظ نابية حتى تراها معجبتها قوية.. وغير ذلك كثير مما يحدث لأخلاق هؤلاء.
رابعاً: أضرار اجتماعية:
أما عن علاقة الواقعة في الإعجاب بأسرتها فحدث عنها ولا حرج، وخاصة لمن بلغت فيه درجات عالية.. فهذه من أصبحت في البيت سلبية لا تقدم ولا تأخر تطلب منها أمها الطلب تلو الطلب ولا تنفذ منه شيء بحجة أنها مشغولة… ولكن ما هذا الشغل؟! إنها إما كتابة رسالة لمن أعجبت بها أو محادثتها.
وأما عن أقاربها فلم تعد تتصل بهم ولا تسأل عن حالهم بل لم تعد حتى تستقبلهم بنفس الترحاب الذي كان قبل ذلك لأنها لم تعد تشعر إلا بمن أعجبت بها.
ذكرت إحدى الأستاذات أنه كان عندها إحدى التلميذات أعجبت بمعلمة وهذه التلميذة لم تدرك أنه إعجاب.. بل كانت تتغافل عن مراجعة نفسها لتتعرف على حقيقة هذه العلاقة وكان لها صاحبات خير نصحنها فلم تستجب فبدأت العلاقة بينهن تضعف حتى تركناها، تقول: فجاءت هذه التلميذة شاكية لحالها مع صاحباتها وهجرانهن لها فبدأت أوضح لها الأمر بشكل غير مباشر لعلها تدرك ماهية العلاقة بمعلمتها وما جرّت عليها من مساوئ… وأي شيء عظيم فقدته تلك ومن كانت على شاكلتها … ؟! لقد فقدت اللواتي يحاربن معها عدوها وعدوهن ويعنّها على التخلص من كيده الضعيف (إن كيد الشيطان كان ضعيفاً) لقد فقدت من سعادتها في قربهن ومجاورتهن وموالاتهن، وهلاكها في تركها لهن ومن كنّ على طريقهن واتصالها بمن لا تنفعها في الدنيا والآخرة.
وكذلك فإن العلاقة مع الرفيقات السابقات حتى ولو كن غير مستقيمات قد تضعف إما لكونهن غير مقتنعات بمن أعجبت بها صاحبتهن أو لغيرة تنشأ بينهن إذا حكت لهن عن مدى ما وصلت إليه علاقتها بمن أعجبت بها.
لا شك أن الإعجاب يؤدي إلى إيجاد جيل من المربيات غير الصالحات لتربية أبناء المستقبل.. إذ همّ إحداهن من قصة شعر، أو رسالة تكتبها، أو أغنية تسمعها، أو غير ذلك مما يشغل بعض المعجبات من الأمور التافهات.. وقد رأينا وللأسف من تبلغ في الإعجاب درجات عالية وهي متزوجة ولها أبناء.. فبالله كيف ستربي هذه جيلاً يرفع راية الإسلام ويعيد لنا عز المسلمين بين الأمم.. ؟!
خامساً: أضرار جسدية:
الإعجاب مرض نفسي يصيب بعض الفتيات وهذا المرض قد يؤثر على صحة الجسد وذلك إما لإهمال الواقعة في هذا الداء لأوقات تناول الطعام فتأكل الطعام بغير ترتيب وقد لا تأكل أصلاً ما يسد حاجتها حتى يضرها ذلك … وقد يتضرر جسدها بسبب قلة النوم المتواصل. وأما إذا كان الإعجاب من النوع الخطير الذي يصل إلى حد الشذوذ فإن ذلك يؤثر على صحة الجسد تأثيراً واضحاً.
وعن الأضرار الجسدية التي يتركها الإعجاب على صاحبته تقول الدكتورة فادية أبو النيل اختصاصية نساء وولادة من مركز عمر العجاجي الطبي: إنه بالنسبة للشذوذ الجنسي بين الفتيات من الممكن أن ينتقل عنه مرض الإيدز وكل الأمراض المعدية جنسياً كالفطريات والتراكوما فالإيدز فترة الحضانة فيه تأخذ ما بين ثمانية أسابيع إلى خمسة عشر عاماً؛ لذا نجد أنه من أخطر وأشهر الأمراض التي تنتقل من الشذوذ الجنسي بين الفتيات ناهيك إذا كانت البنت مصابة بالوبائي الكبدي أو مرض معدي جنسياً كفيروس الهربس التناسلي الذي له دواء يقلل من ظهور الأعراض ولا ينهيه نهائياً.
و توضح الدكتورة ميرفت سعيد عبد الحميد اختصاصية نساء وولادة في مستشفى المبارك: إن الشذوذ المحرم ينجم عنه مشاكل صحية مثل الالتهابات الشديدة وقد تفقد الفتاة غشاء البكارة، هذا غير ما ينجم من التهاب في الحوض وذلك بدوره يؤثر على الحمل أو يمنعه أو يحتاج لعلاج مكثف (من جريدة الجزيرة بتاريخ 20 من صفر 1422هـ ـ العدد 10809 -).
سادساً: أضرار ثقافية وعلمية:
في استبانة وزعت على (800) من الواقعات في الإعجاب طرح سؤال يقول: هل تأثر مستواك التعليمي مع هذه العلاقة.. ؟ فكانت إجابة: (24%) تأثر مستواهن التعليمي بهذه العلاقة … (70%) لم يتأثر.
والناظر لنتائج تلك الإستبانة يجد الربع تقريباً قد تأثر مستواهن التعليمي، ولا شك أن ذلك مؤشر خطير ينبئ بتدهور العلم والثقافة والأسباب تافهة.. وهذا خطير على أمتنا الإسلامية ويؤدي بها إلى ارتفاع نسبة الجهل المركب فيها.
وبالنظر فيما سبق من مظاهر وأخطار للإعجاب يجده مضيعة للأوقات وأي مضيعة.. فبعض المعجبات تبقى في المكالمة الواحدة ثلاث أو أربع ساعات وربما تبقى ساعة لكن تتصل في اليوم خمس إلى ست مرات.. والبعض يبقى على الهاتف أكثر من ذلك والبعض أقل.. أما ما تمكثه المعجبات في كتابة الرسالة الواحدة فالبعض يمكث ساعة كاملة والبعض أكثر والبعض أقل.. ومن الأوقات ما تضيعه المعجبات في الإعداد النفسي أو الجسمي للقاء الذي سيكون مع المعجبات والذي قد تمكث فيه المعجبة ساعات طويلة.
ونحن إذ عرضنا لظاهرة الإعجاب بين الفتيات وسلبياتها لا بد أن نشير في حديثنا إلى ما هو أرقى وأفضل لعلاقة تجمع بين الصديقات بحب هو من أسمى المعاني؛ الحب في الله والذي فضلنا به نحن معاشر المؤمنين من فضل الله علينا معاشر المؤمنين أن جعل لنا إذا اتبعنا أوامره الثواب والأجر العظيم الذي لا يقارن بالمشقة الحاصلة لنا من هذه الطاعة.. بل إنه سبحانه يثيبنا على عمل الصالحات حتى لو كانت موافقة لما في أنفسنا من حاجات.. ومن ذلك تلك الأوسمة التي أعطاها الله للمتحابين في جلال الله، ومنها:
- أنها سبب لمحبة الله للعبد قال عليه الصلاة والسلام: (قال الله عز وجل: وجبت محبتي للمتحابين في! ….) رواه أحمد والحاكم والطبراني والبيهقي وصححه الألباني. فنرى أنفسنا نحن العباد الضعفاء يتكرم علينا بمحبته ملك الملوك وقيوم السماوات ولأرض لأجل محبتنا فيه؟
- إن الله سبحانه يظل المتحابين في جلاله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، قال – صلى الله عليه وسلم -: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله – وذكر منهم – ورجلان تحابّا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه) هذا الظل متى يكون…؟ إنه في يوم تقترب الشمس من الخلائق قدر ميل فيصيبهم حرها ولهيبها فيحتاجون لمن يظلهم منها.
- إن الله يكرم من أحب عبداً لله قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: (ما أحب عبدُ عبداً لله إلا أكرمه الله). وإكرام الله للمرء يشمل إكرامه بالإيمان والعلم النافع والعمل الصالح وسائر صنوف النعم.
- أن الحب في الله سبب لتذوق حلاوة الإيمان وطعمه، قال – صلى الله عليه وسلم -: (لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى يحب المرء لا يحبه إلا لله…) رواه البخاري ومسلم. فيا من تفقدين حلاوة الإيمان وتفقدين اللذة عند أداء العبادات عليك بالمحبة الخالصة في الله فأنها طريق لتذوق حلاوة الإيمان.
- أنه دليل على كمال إيمان العبد، قال – صلى الله عليه وسلم -: (من أعطى لله ومنع لله وأحب لله وأبغض لله وأنكح لله فقد استكمل إيمانه) رواه الترمذي.
- أن المرء بمحبته لأهل الخير والصلاح يلتحق بهم ويصل إلى مراتبهم وإن لم يكن عمله بالغاً مبلغهم، عن أنس رضي الله عنه أن رجلاً سأل النبي – صلى الله عليه وسلم – متى الساعة؟ قال: (ما أعددت لها؟) قال: ما أعددت من كثير صلاة ولا صوم ولا صدقة ولكني أحب الله ورسوله. قال: (أنت مع من أحببت) قال أنس: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: (أنت مع من أحببت) فأنا أحب النبي – صلى الله عليه وسلم – وأبا بكر وعمر وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم. رواه البخاري ومسلم.
- أن المتحابين في الله لهم منابر من نور يغبطهم عليها النبيون والشهداء، قال – صلى الله عليه وسلم -: (قال الله تعالى المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء) رواه الترمذي وصححه الألباني.
- أن المتحابين في الله بينهم عقد مستمر صورة النبي – صلى الله عليه وسلم – واستمعي إليه يا من كنت تحبين أن تجدي لك يوم القيامة من يدافع عنك، يقول – صلى الله عليه وسلم -: (فما مجادلة أحدكم لصاحبه في الحق يكون له في الدنيا أشد مجادلة من المؤمنين لربهم في إخوانهم الذين أدخلوا النار) قال: (يقولون ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويحجون معنا فأدخلتهم النار فيقول اذهبوا فاخرجوا من عرفتم منهم فيخرجونهم ثم يأذن لهم فيخرجون من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان).
همسة
هذا بعض الفضل الذي أعده الله للمتحابين في جلاله.. فأيهما أفضل: الأجر والحلاوة والسعادة.. أم ذلك الخطر والعذاب والإثم والهم والغم المتمثل في الإعجاب؟!
سؤال يجب أن نطرحه على أنفسنا قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه الندم.
الموضوع منقول