س: كان الاعتقاد -قديما- أن كسوف الشمس وخسوف القمر إنما يحدثان من غضب
الله على الناس، بشؤم كفرهم ومعاصيهم، وقد ثبت اليوم بسبب تقدم العلوم
الكونية أن الكسوف والخسوف أمر عادي يحدث لأسباب طبيعية معروفة يدرسها
التلاميذ في مدارسهم. فهو ظاهرة طبيعية كالمد والجزر وما شابه ذلك.
ولهذا نسأل عن الحكمة في الصلاة التي شرعها الإسلام عند الكسوف والخسوف،
فإن الملاحدة أعداء الدين يستغلون ذلك للطعن في الإسلام، وأنه بنى هذه
الصلاة على الخرافات القديمة التي كانت شائعة بين الناس، بدعوى أن الصلاة
لرفع غضب السماء عن أهل الأرض.
هذا مع أن الكسوف معروف عند علماء الفلك قبل أن يحدث، متى يحدث؟ وأين يحدث؟ وكم يمكث؟…الخ، فلا يتصور حينئذ أن ترفعه صلاة أو دعاء.
أرجو بيان ذلك مكتوبا لنشره وإذاعته، إقناعا للمتشككين. وإفحاما للمشككين.
ج
: لم يجئ في القرآن الكريم ذكر لصلاة الكسوف والخسوف. وإنما وردت بها
السنة المطهرة من قول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله. وذلك في السنة
العاشرة للهجرة حين كسفت الشمس فصلى بأصحابه وأطال الصلاة حتى انجلت الشمس.
ولم يرد فيما اتفقت عليه الروايات الصحيحة أن هذا الكسوف كان نتيجة لغضب
من الله على الناس. كيف وقد حدث ذلك بعد أن جاء نصر الله والفتح ودخل
الناس في دين الله أفواجا، وانتشر نور الإسلام في كل ناحية من جزيرة
العرب، فلو كان الكسوف يحدث من غضب الله لحدث ذلك في العهد المكي، حين كان
الرسول وأصحابه يقاسون أشد ألوان العنت والاضطهاد والإيذاء، وحين أخرجوا
من ديارهم وأموالهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله.
ولقد كان الناس
في عصر النبوة يعتقدون أن كسوف الشمس والقمر إنما هو مشاركة من الطبيعة
لموت عظيم من عظماء أهل الأرض. وكان من غرائب المصادفات أن كسوف الشمس
الذي حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان يوم وفاة إبراهيم ابنه من
مارية القبطية، وقال الناس يومئذ:
إن الشمس قد انكسفت لموته أي حزنا
عليه، وإكراما للرسول صلى الله عليه وسلم ولكن النبي صلى الله عليه وسلم
لم يسكت على هذا القول الزائف والاعتقاد الباطل، وإن كان فيه إضافة آية أو
معجزة جديدة إلى آياته ومعجزاته الكثيرة، لأن الله أغناه بالحق عن
الانتصار بالباطل.
روى الإمام أحمد والطبراني من حديث سمرة بن جندب
أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب فيهم يوم الكسوف فقال:(أما بعد: فإن
رجالا يزعمون أن كسوف هذه الشمس وكسوف هذا القمر، وزوال هذه النجوم من
مطالعها، لموت رجال عظماء من أهل الأرض، إنهم قد كذبوا. ولكنها آيات من
آيات الله عز وجل يعتبر بها عبادة…)(مجمع الزوائد ج2 ص210) رواه الحاكم وقال: صحيح على شرطهما(ووافقه الذهبي كما في المستدرك وتلخيصه ج1 ص 329،231).
وروى البخاري
عن المغيرة بن شعبة قال: انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم، فقال الناس:
انكسفت لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الشمس
والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا
رأيتموها فادعوا الله وصلوا حتى ينجلي).
وفي بعض الروايات عند البخاري عن أبي بكرة مرفوعا بعد قوله: لا ينكسفان لموت أحد قال: (ولكن الله يخوف بهما عباده)،
وفي ثبوت هذه الزيادة كلام أشار إليه الإمام البخاري نفسه(الزيادة
المذكورة من رواية حماد بن زيد عن يونس عن الحسن عن أبي بكرة، ولكن عددًا
من الرواة الثقات رووا الحديث عن يونس، فلم يذكروها، منهم عبد الوارث
وشعبة، وخالد بن عبد الله، وحماد بن سلمة، كما ذكر ذلك البخاري. وكثير من
أئمة الحديث يرفض مثل هذه الرواية التي يخالف فيها الراوي من هم أوثق منه
أو أكثر عددًا، وتوصف هذه الزيادة حينئد بالشذوذ، فتخرج عن حد الحديث
الصحيح).
وهنا يلتقط المشككون هذه
الكلمة وأمثالها "يخوف الله بهما عبادة" أو "ادعوا الله وصلوا حتى ينجلي"
ليقولوا: مم التخويف؟ ولماذا الدعاء؟ ولماذا الصلاة؟ والكسوف أمر طبيعي؟
نعم هو أمر طبيعي لا يتقدم ولا يتأخر عن موعده ومكانه وزمانه، وفقا لسنة
الله تعالى، ولكن الأمور الطبيعية ليست خارجة عن دائرة الإرادة الإلهية.
والقدرة الإلهية، فكل ما في الكون يحدث، بمشيئته تعالى وقدرته، ومثل هذا
الذي يحدث لهذه الأجرام العظيمة جدير أن ينبه القلوب على عظمة سلطان الله
تعالى وشمول إرادته ونفوذ قدرته، وبالغ حكمته، وجميل تدبيره، فتتجه إليه
القلوب بالتعظيم، والألسنة بالدعاء، والأكف بالضراعة، والجباه بالسجود.
ولقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أذكار وأدعية شتى ينبغي للمسلم أن
يتلوها بلسانه، ويستحضرها بقلبه، عند رؤية ظواهر طبيعية مختلفة، منها:
( أ ) عندما يصبح الصباح أو يمسي المساء:
أخرج الترمذي
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أصحابه يقول: (إذا
أصبح أحدكم فليقل: اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت،
وإليك النشور وإذا أمسى فليقل: اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا… الحديث) وقال الترمذي: حسن صحيح.
وروى مسلم عن ابن مسعود
قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال: (أمسينا وأمسى الملك
لله والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد،
وهو على كل شيء قدير، رب أسألك خير ما في هذه الليلة، وخير ما بعدها،
وأعوذ بك من شر هذه الليلة، وشر ما بعدها، رب أعوذ بك من الكسل وسوء
الكبر، رب أعوذ بك من عذاب في النار، وعذاب في القبر).
وإذا أصبح قال ذلك أيضا: (أصبحنا وأصبح الملك لله) الحديث.
(ب) عند هبوب الريح وظهور السحاب:
روى مسلم
عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: (اللهم
أسألك خيرها وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما
فيها وشر ما أرسلت به).
وعنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا
رأى ناشئا (أي سحابة) في أفق السماء ترك العمل، وإن كان في صلاة، ثم يقول:
(اللهم إني أعوذ بك من شرها). فإن مطر قال: (اللهم صيبا هنيئا) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأبو عوانة في صحيحه بإسناد صحيح على شرط مسلم، كما في تخريج الكلم الطيب للألباني.
(جـ) عند رؤية الهلال:
[b]عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال:
(الله أكبر، اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام
والتوفيق لما تحب وترضى، ربنا وربك الله) أخرجه الدارمي، وأخرجه الترمذي أخصر منه من حديث طلحة، وحسنه وصححه ابن حبان، وهو صحيح بشواهده، كما قال الألباني.
وهناك أدعية وأذكار أخرى كثيرة تقال في مناسبات شتى: عند النوم، وعند
اليقظة، وعند الأكل والشرب، وعند الشبع والري، وعند لبس الثوب، وركوب
الدابة، وعند السفر والعودة منه، وغير ذلك مما ألفت فيه كتب كاملة(مثل
"عمل اليوم والليلة" للنسائي، وابن السني، و "الأذكار" للنووي، و "الكلم
الطيب" لابن تيمية، "الوابل الصيب" لابن القيم ، و"تحفة الذاكرين"
للشوكاني وغيرهما).
والمقصود بهذه الأذكار والأدعية أن يكون الإنسان
موصول القلب بالله دائما وأن يقابل كل حدث جديد، بقلب متفتح، وإحساس مرهف،
وشعور حي يقظ، حتى الأحداث التي تتكرر كل يوم كالإصباح والإمساء، بل تتجدد
في اليوم أكثر من مرة كالأكل والشرب. فالمؤمن يرى الأشياء والحوادث بعين
غير أعين الناس.
إن الناس يرونها بأعين رؤوسهم فحسب، فإذا تكررت
أمامهم مرات ومرات ألفوها، أما المؤمن فيراها بعين قلبه وبصيرته، فيرى
وراءها يد الله التي تبدع وتتقن، وعين الله التي ترعىوتحفظ، فيسبح ويحمد،
ويهلل ويكبر، ويدعو ويتضرع، كما روى البخاري في "الأدب المفرد".
الله على الناس، بشؤم كفرهم ومعاصيهم، وقد ثبت اليوم بسبب تقدم العلوم
الكونية أن الكسوف والخسوف أمر عادي يحدث لأسباب طبيعية معروفة يدرسها
التلاميذ في مدارسهم. فهو ظاهرة طبيعية كالمد والجزر وما شابه ذلك.
ولهذا نسأل عن الحكمة في الصلاة التي شرعها الإسلام عند الكسوف والخسوف،
فإن الملاحدة أعداء الدين يستغلون ذلك للطعن في الإسلام، وأنه بنى هذه
الصلاة على الخرافات القديمة التي كانت شائعة بين الناس، بدعوى أن الصلاة
لرفع غضب السماء عن أهل الأرض.
هذا مع أن الكسوف معروف عند علماء الفلك قبل أن يحدث، متى يحدث؟ وأين يحدث؟ وكم يمكث؟…الخ، فلا يتصور حينئذ أن ترفعه صلاة أو دعاء.
أرجو بيان ذلك مكتوبا لنشره وإذاعته، إقناعا للمتشككين. وإفحاما للمشككين.
ج
: لم يجئ في القرآن الكريم ذكر لصلاة الكسوف والخسوف. وإنما وردت بها
السنة المطهرة من قول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله. وذلك في السنة
العاشرة للهجرة حين كسفت الشمس فصلى بأصحابه وأطال الصلاة حتى انجلت الشمس.
ولم يرد فيما اتفقت عليه الروايات الصحيحة أن هذا الكسوف كان نتيجة لغضب
من الله على الناس. كيف وقد حدث ذلك بعد أن جاء نصر الله والفتح ودخل
الناس في دين الله أفواجا، وانتشر نور الإسلام في كل ناحية من جزيرة
العرب، فلو كان الكسوف يحدث من غضب الله لحدث ذلك في العهد المكي، حين كان
الرسول وأصحابه يقاسون أشد ألوان العنت والاضطهاد والإيذاء، وحين أخرجوا
من ديارهم وأموالهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله.
ولقد كان الناس
في عصر النبوة يعتقدون أن كسوف الشمس والقمر إنما هو مشاركة من الطبيعة
لموت عظيم من عظماء أهل الأرض. وكان من غرائب المصادفات أن كسوف الشمس
الذي حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان يوم وفاة إبراهيم ابنه من
مارية القبطية، وقال الناس يومئذ:
إن الشمس قد انكسفت لموته أي حزنا
عليه، وإكراما للرسول صلى الله عليه وسلم ولكن النبي صلى الله عليه وسلم
لم يسكت على هذا القول الزائف والاعتقاد الباطل، وإن كان فيه إضافة آية أو
معجزة جديدة إلى آياته ومعجزاته الكثيرة، لأن الله أغناه بالحق عن
الانتصار بالباطل.
روى الإمام أحمد والطبراني من حديث سمرة بن جندب
أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب فيهم يوم الكسوف فقال:(أما بعد: فإن
رجالا يزعمون أن كسوف هذه الشمس وكسوف هذا القمر، وزوال هذه النجوم من
مطالعها، لموت رجال عظماء من أهل الأرض، إنهم قد كذبوا. ولكنها آيات من
آيات الله عز وجل يعتبر بها عبادة…)(مجمع الزوائد ج2 ص210) رواه الحاكم وقال: صحيح على شرطهما(ووافقه الذهبي كما في المستدرك وتلخيصه ج1 ص 329،231).
وروى البخاري
عن المغيرة بن شعبة قال: انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم، فقال الناس:
انكسفت لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الشمس
والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا
رأيتموها فادعوا الله وصلوا حتى ينجلي).
وفي بعض الروايات عند البخاري عن أبي بكرة مرفوعا بعد قوله: لا ينكسفان لموت أحد قال: (ولكن الله يخوف بهما عباده)،
وفي ثبوت هذه الزيادة كلام أشار إليه الإمام البخاري نفسه(الزيادة
المذكورة من رواية حماد بن زيد عن يونس عن الحسن عن أبي بكرة، ولكن عددًا
من الرواة الثقات رووا الحديث عن يونس، فلم يذكروها، منهم عبد الوارث
وشعبة، وخالد بن عبد الله، وحماد بن سلمة، كما ذكر ذلك البخاري. وكثير من
أئمة الحديث يرفض مثل هذه الرواية التي يخالف فيها الراوي من هم أوثق منه
أو أكثر عددًا، وتوصف هذه الزيادة حينئد بالشذوذ، فتخرج عن حد الحديث
الصحيح).
وهنا يلتقط المشككون هذه
الكلمة وأمثالها "يخوف الله بهما عبادة" أو "ادعوا الله وصلوا حتى ينجلي"
ليقولوا: مم التخويف؟ ولماذا الدعاء؟ ولماذا الصلاة؟ والكسوف أمر طبيعي؟
نعم هو أمر طبيعي لا يتقدم ولا يتأخر عن موعده ومكانه وزمانه، وفقا لسنة
الله تعالى، ولكن الأمور الطبيعية ليست خارجة عن دائرة الإرادة الإلهية.
والقدرة الإلهية، فكل ما في الكون يحدث، بمشيئته تعالى وقدرته، ومثل هذا
الذي يحدث لهذه الأجرام العظيمة جدير أن ينبه القلوب على عظمة سلطان الله
تعالى وشمول إرادته ونفوذ قدرته، وبالغ حكمته، وجميل تدبيره، فتتجه إليه
القلوب بالتعظيم، والألسنة بالدعاء، والأكف بالضراعة، والجباه بالسجود.
ولقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أذكار وأدعية شتى ينبغي للمسلم أن
يتلوها بلسانه، ويستحضرها بقلبه، عند رؤية ظواهر طبيعية مختلفة، منها:
( أ ) عندما يصبح الصباح أو يمسي المساء:
أخرج الترمذي
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أصحابه يقول: (إذا
أصبح أحدكم فليقل: اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت،
وإليك النشور وإذا أمسى فليقل: اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا… الحديث) وقال الترمذي: حسن صحيح.
وروى مسلم عن ابن مسعود
قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال: (أمسينا وأمسى الملك
لله والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد،
وهو على كل شيء قدير، رب أسألك خير ما في هذه الليلة، وخير ما بعدها،
وأعوذ بك من شر هذه الليلة، وشر ما بعدها، رب أعوذ بك من الكسل وسوء
الكبر، رب أعوذ بك من عذاب في النار، وعذاب في القبر).
وإذا أصبح قال ذلك أيضا: (أصبحنا وأصبح الملك لله) الحديث.
(ب) عند هبوب الريح وظهور السحاب:
روى مسلم
عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: (اللهم
أسألك خيرها وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما
فيها وشر ما أرسلت به).
وعنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا
رأى ناشئا (أي سحابة) في أفق السماء ترك العمل، وإن كان في صلاة، ثم يقول:
(اللهم إني أعوذ بك من شرها). فإن مطر قال: (اللهم صيبا هنيئا) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأبو عوانة في صحيحه بإسناد صحيح على شرط مسلم، كما في تخريج الكلم الطيب للألباني.
(جـ) عند رؤية الهلال:
[b]عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال:
(الله أكبر، اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام
والتوفيق لما تحب وترضى، ربنا وربك الله) أخرجه الدارمي، وأخرجه الترمذي أخصر منه من حديث طلحة، وحسنه وصححه ابن حبان، وهو صحيح بشواهده، كما قال الألباني.
وهناك أدعية وأذكار أخرى كثيرة تقال في مناسبات شتى: عند النوم، وعند
اليقظة، وعند الأكل والشرب، وعند الشبع والري، وعند لبس الثوب، وركوب
الدابة، وعند السفر والعودة منه، وغير ذلك مما ألفت فيه كتب كاملة(مثل
"عمل اليوم والليلة" للنسائي، وابن السني، و "الأذكار" للنووي، و "الكلم
الطيب" لابن تيمية، "الوابل الصيب" لابن القيم ، و"تحفة الذاكرين"
للشوكاني وغيرهما).
والمقصود بهذه الأذكار والأدعية أن يكون الإنسان
موصول القلب بالله دائما وأن يقابل كل حدث جديد، بقلب متفتح، وإحساس مرهف،
وشعور حي يقظ، حتى الأحداث التي تتكرر كل يوم كالإصباح والإمساء، بل تتجدد
في اليوم أكثر من مرة كالأكل والشرب. فالمؤمن يرى الأشياء والحوادث بعين
غير أعين الناس.
إن الناس يرونها بأعين رؤوسهم فحسب، فإذا تكررت
أمامهم مرات ومرات ألفوها، أما المؤمن فيراها بعين قلبه وبصيرته، فيرى
وراءها يد الله التي تبدع وتتقن، وعين الله التي ترعىوتحفظ، فيسبح ويحمد،
ويهلل ويكبر، ويدعو ويتضرع، كما روى البخاري في "الأدب المفرد".