الرحلة الى الله تعالى وما يكتنفها من
الخوادع والقواطع
اذا عزم العبد على السفر
الى الله تعالى وارادته،
عرضت له
الخوادع والقواطع،
فيتخدع
أولا بالشهوات والرئاسات، والملاذ
والمناكح والملابس، فان وقف معها انقطع،
وان
رفضها ولم يقف معها وصدق في طلبه
ابتلي بوطء عقبه(كثير الأتباع)، وتقبيل
يده، والتوسعة له في المجلس،
والاشارة اليه بالدعاء،
ورجاء بركته، ونحو ذلك.
فان وقف
معه انقطع به عن الله وكان حظه منه،
وان قطعه ولم يقف معه
ابتلي بالكرامات
والكشوفات،
فان وقف معها انقطع بها عن
الله وكانت حظه،
وان لم يقف معها
ابتلي بالتجريد والتخلي ولذة الجمعية وعزة
الوحدة
والفراغ من الدنيا
. فان وقف
مع ذلك انقطع به عن المقصود،
وان
لم يقف معه،
وسار
ناظرا الى مراد
الله منه، وما يحبه منه،
بحيث
يكون عبده الموقوف على محابه ومراضيه
أين
كانت وكيف كانت، تعب بها أو استراح، تنعّم
أو تأّلم،
أخرجته الى الناس أو عزلته
عنهم،
لا يختار لنفسه
غير ما
يختاره له سيده ووليه، واقف مع أمره
ينفذ بحسب الامكان، ونفسه عنده أهون
عليه أن
يقدم راحتها ولذتها على مرضاة سيده وأمره
. فهذا هو العبد الذي قد وصل، ونفذ
ولم يقطعه عن سيده شيء البتة،
وبالله التوفيق.
من كتاب الفوائد
ابن القيم