[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
فعلى الرغم من أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يترك
شيئًا إلا وضّحه وتحدث فيه فإنه لم يتحدث عن هذا الأمر وسكت عنه مع أنه
منتشر بين الناس، وخاصة الشباب في ذلك العصر وفي كل العصور، ولا يتصور أن
يسكت الرسول عن أمر واسع الانتشار كهذا الأمر نسيانًا.. وهذا يجعلنا
نتعامل مع هذا الأمر على أنه من المسكوت عنه رحمة بالناس وتقديرًا لضعفهم
واحتياجاتهم.
أما على مستوى القرآن الكريم فالله تعالى يقول في سورة
المعارج: " وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى
أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ
مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْعَادُونَ " (المعارج: 29 - 31). ووردت آيات ثلاث بنفس النص في سورة
المؤمنون: "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى
أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ
مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْعَادُونَ" (المؤمنون: 5 - 7).
يقول ابن كثير في تفسير
هذه الآيات من سورة "المؤمنون": "أي والذين قد حفظوا فروجهم من الحرام فلا
يقعون فيما نهاهم الله عنه من زنا ولواط، لا يقربون سوى أزواجهم التي
أحلها الله لهم أو ما ملكت أيمانهم من السراري، ومن تعاطى ما أحله الله له
فلا لوم عليه ولا حرج؛ ولهذا قال: "فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء
ذلك" أي غير الأزواج والإماء "فأولئك هم العادون" أي المعتدون
وقد
استدل الإمام الشافعي رحمه الله ومن وافقه على تحريم الاستمناء باليد بهذه
الآية الكريمة: والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت
أيمانهم" قال فهذا الصنيع خارج عن هذين القسمين، وقد قال الله تعالى "فمن
ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون"، وقد استأنسوا بحديث رواه الإمام الحسن
بن عرفة في جزئه المشهور، حيث قال:
حدثني علي بن ثابت الجزري عن مسلمة بن جعفر عن حسان بن حميد عن أنس بن
مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سبعة لا ينظر الله
إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولا يجمعهم مع العالمين ويدخلهم النار في
أول الداخلين إلا أن يتوبوا ومن تاب تاب الله عليه: الناكح يده، والفاعل
والمفعول به، ومدمن الخمر، والضارب والديه حتى يستغيثا، والمؤذي جيرانه
حتى يلعنوه، والناكح حليلة جاره" هذا حديث غريب وإسناده فيه من لا يعرف لجهالته،
والله أعلم (ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، الجزء الثالث، دار المعرفة، بيروت، صفحة 249، 250).
وقد اختلف العلماء حول المقصود من قوله تعالى "ما وراء ذلك" كالتالي
(1)
الشافعية والمالكية: رأوا أن العادة السرية (الاستمناء) تدخل في "ما وراء
ذلك"، وبالتالي فإن من يرتكبها يكون من "العادون"، وبالتالي فهي حرام..
وهذا الحكم يجعل العادة السرية في مقام الزنا، ولم يقل بذلك أحد، والقول
بالتحريم هنا لا يستند إلى دليل صريح.
(2) الحنفية: رأوا أن "ما
وراء ذلك" يقصد بها الزنا فقط، وبالتالي فإن العادة السرية مكروهة، وإن
ممارستها تنتقل من الكراهة إلى الإباحة بثلاثة شروط:
1 - أن يلجأ إليها الشخص خشية الوقوع في الفاحشة.
2 - أن من يقوم بها يكون غير متزوج.
3 - أن يمارسها لتصريف الشهوة إذا غلبته وليس لإثارة الشهوة الكامنة.
ويقول
الشيخ سيد سابق عن حكم الاستمناء (العادة السرية) في كتابه "فقه السنة"
(المجلد الثاني، الطبعة الثامنة، 1407هـ - 1987م، دار الكتاب العربي،
بيروت.. صفحة 388 - 390).
"استمناء الرجل بيده مما يتنافى مع ما ينبغي
أن يكون عليه الإنسان من الأدب وحسن الخلق، وقد اختلف الفقهاء في حكمه:
فمنهم من رأى أنه حرام مطلقًا، ومنهم من رأى أنه حرام في بعض الحالات
وواجب في بعضها الآخر، ومنهم من ذهب إلى القول بكراهته.. أما الذين ذهبوا
إلى تحريمه فهم المالكية والشافعية والزيدية، وحجتهم في التحريم أن الله
سبحانه أمر بحفظ الفروج في كل الحالات، إلا بالنسبة للزوجة وملك اليمين،
فإذا تجاوز المرء هاتين الحالتين واستمنى كان من العادين المتجاوزين ما
أحل الله لهم إلى ما حرمه عليهم. يقول
الله سبحانه: "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى
أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ
مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْعَادُونَ" (المعارج 29 - 31).
وأما
الذين ذهبوا إلى التحريم في بعض الحالات، والوجوب في بعضها الآخر فهم
الأحناف، فقد قالوا: إنه يجب الاستمناء إذا خيف الوقوع في الزنا بدونه،
جريًا على قاعدة: ارتكاب أخف الضررين.. وقالوا: إنه يحرم إذا كان لاستجلاب
الشهوة وإثارتها، وقالوا: إنه لا بأس به إذا غلبت الشهوة، ولم يكن عنده
زوجة أو أمة واستمنى بقصد تسكينها.
وأما
الحنابلة فقالوا: إنه حرام، إلا إذا استمنى خوفًا على نفسه من الزنا، أو
خوفًا على صحته، ولم تكن له زوجة أو أمة، ولم يقدر على الزواج، فإنه لا
حرج عليه.
وأما ابن حزم فيرى أن الاستمناء مكروه ولا إثم
فيه؛ لأن مسّ الرجل ذكره بشماله مباح بإجماع الأمة كلها، وإذا كان مباحًا
فليس هنالك زيادة على المباح إلا التعمد لنزول المنى، فليس ذلك حرامًا
أصلا؛لقوله تعالى: "وَقَدْ فَصَّلَ
لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ" (الأنعام: 119).. وليس هذا مما فصّل لنا
تحريمه، فهو حلال لقوله تعالى: "خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا"
(البقرة:29).
وقال: وإنما كره الاستمناء؛ لأنه ليس من مكارم
الأخلاق ولا من الفضائل، وروى لنا أن الناس تكلموا في الاستمناء فكرهته
طائفة وأباحته أخرى، وممن كرهه ابن عمر وعطاء، وممن أباحه ابن عباس والحسن
وبعض كبار التابعين، وقال الحسن: "كانوا يفعلونه في المغازي" (انتهى كلام
الشيخ سيد سابق).
وورد في موسوعة الفقه الإسلامي المعاصر التي يرأس
تحريرها الدكتور عبد الحليم عويس (الجزء الثالث - دار الوفاء - الطبعة
الأولى 1426هـ - 2005م، صفحة 620، 621 في باب "مشكلات الجاليات الإسلامية
في ضوء الفقه الإسلامي" ما يلي:
"لا ينكر عاقل أن هذه العادة إنما
هي عادة مرذولة، وأنها مما تنفر منه الفطرة السليمة، وقد ذهب كثير من
العلماء إلى تحريم الاستمناء باليد، ولا شك أن هذا التحريم هو الأصل
خضوعًا لنداء الفطرة التي توجب وضع هذه الطاقة الغالية في مصارفها
الصحيحة، وأيضًا لما يفهمه العقل المسلم من قوله
تعالى: "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى
أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ
مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْعَادُونَ" (المؤمنون: 5 - 7)،فلا شك أن الآية تفيد أنه ما وراء الزوجة وملك اليمين حرام، والاستمناء باليد هو مما وراء ذلك.
وإلى
هذا الرأي ذهب الإمام مالك والجمهور، لكن الإمام أحمد بن حنبل اعتبر المني
فضلة من فضلات الجسم، فجاز إخراجه كالفصد وقد أيده في ذلك الإمام ابن حزم،
لكن فقهاء الحنابلة قيدوا هذا الجواز بأمرين:
الأول: خشية الوقوع في الزنا.
الثاني: عدم القدرة على الزواج.
ويرى
الدكتور يوسف القرضاوي، ويوافقه في ذلك الشيخ محمد الغزالي، والشيخ حسنين
مخلوف، والدكتور سعيد رمضان البوطي، رئيس قسم الفقه بجامعة دمشق والدكتور
عبد العزيز الخياط عميد كلية الشريعة بالجامعة الأردنية، والشيخ علي
الطنطاوي، وغيرهم، يرى كل هؤلاء أنه من الأولى الأخذ برأي الإمام أحمد بن
حنبل في حالات ثورات الغريزة وخشية الوقوع في الحرام.. كشاب يتعلم أو يعمل
غريبًا عن وطنه في أوروبا أو أمريكا أو غيرها، لا سيما أن أسباب الإغراء
أمامه كثيرة وهو يخشى على نفسه العنت، فلا جرم عليه أن يلجأ إلى هذه
الوسيلة (غير الطبيعية) يطفئ بها ثوران الغريزة على ألا يسرف فيها أو
يتخذها عادة.
وينصح هؤلاء الأساتذة الشباب الذين يتعرضون
لمثل هذه الحالات باللجوء إلى المراكز الإسلامية، والاندماج في أنشطتها
ومجتمعاتها الطيبة والإكثار من صوم أيام الإثنين والخميس، وغيرهما إذا
تهيأت لهم الفرصة (انتهى كلام الدكتور عبد الحليم عويس في موسوعة الفقه
الإسلامي
شيئًا إلا وضّحه وتحدث فيه فإنه لم يتحدث عن هذا الأمر وسكت عنه مع أنه
منتشر بين الناس، وخاصة الشباب في ذلك العصر وفي كل العصور، ولا يتصور أن
يسكت الرسول عن أمر واسع الانتشار كهذا الأمر نسيانًا.. وهذا يجعلنا
نتعامل مع هذا الأمر على أنه من المسكوت عنه رحمة بالناس وتقديرًا لضعفهم
واحتياجاتهم.
أما على مستوى القرآن الكريم فالله تعالى يقول في سورة
المعارج: " وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى
أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ
مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْعَادُونَ " (المعارج: 29 - 31). ووردت آيات ثلاث بنفس النص في سورة
المؤمنون: "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى
أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ
مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْعَادُونَ" (المؤمنون: 5 - 7).
يقول ابن كثير في تفسير
هذه الآيات من سورة "المؤمنون": "أي والذين قد حفظوا فروجهم من الحرام فلا
يقعون فيما نهاهم الله عنه من زنا ولواط، لا يقربون سوى أزواجهم التي
أحلها الله لهم أو ما ملكت أيمانهم من السراري، ومن تعاطى ما أحله الله له
فلا لوم عليه ولا حرج؛ ولهذا قال: "فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء
ذلك" أي غير الأزواج والإماء "فأولئك هم العادون" أي المعتدون
وقد
استدل الإمام الشافعي رحمه الله ومن وافقه على تحريم الاستمناء باليد بهذه
الآية الكريمة: والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت
أيمانهم" قال فهذا الصنيع خارج عن هذين القسمين، وقد قال الله تعالى "فمن
ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون"، وقد استأنسوا بحديث رواه الإمام الحسن
بن عرفة في جزئه المشهور، حيث قال:
حدثني علي بن ثابت الجزري عن مسلمة بن جعفر عن حسان بن حميد عن أنس بن
مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سبعة لا ينظر الله
إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولا يجمعهم مع العالمين ويدخلهم النار في
أول الداخلين إلا أن يتوبوا ومن تاب تاب الله عليه: الناكح يده، والفاعل
والمفعول به، ومدمن الخمر، والضارب والديه حتى يستغيثا، والمؤذي جيرانه
حتى يلعنوه، والناكح حليلة جاره" هذا حديث غريب وإسناده فيه من لا يعرف لجهالته،
والله أعلم (ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، الجزء الثالث، دار المعرفة، بيروت، صفحة 249، 250).
وقد اختلف العلماء حول المقصود من قوله تعالى "ما وراء ذلك" كالتالي
(1)
الشافعية والمالكية: رأوا أن العادة السرية (الاستمناء) تدخل في "ما وراء
ذلك"، وبالتالي فإن من يرتكبها يكون من "العادون"، وبالتالي فهي حرام..
وهذا الحكم يجعل العادة السرية في مقام الزنا، ولم يقل بذلك أحد، والقول
بالتحريم هنا لا يستند إلى دليل صريح.
(2) الحنفية: رأوا أن "ما
وراء ذلك" يقصد بها الزنا فقط، وبالتالي فإن العادة السرية مكروهة، وإن
ممارستها تنتقل من الكراهة إلى الإباحة بثلاثة شروط:
1 - أن يلجأ إليها الشخص خشية الوقوع في الفاحشة.
2 - أن من يقوم بها يكون غير متزوج.
3 - أن يمارسها لتصريف الشهوة إذا غلبته وليس لإثارة الشهوة الكامنة.
ويقول
الشيخ سيد سابق عن حكم الاستمناء (العادة السرية) في كتابه "فقه السنة"
(المجلد الثاني، الطبعة الثامنة، 1407هـ - 1987م، دار الكتاب العربي،
بيروت.. صفحة 388 - 390).
"استمناء الرجل بيده مما يتنافى مع ما ينبغي
أن يكون عليه الإنسان من الأدب وحسن الخلق، وقد اختلف الفقهاء في حكمه:
فمنهم من رأى أنه حرام مطلقًا، ومنهم من رأى أنه حرام في بعض الحالات
وواجب في بعضها الآخر، ومنهم من ذهب إلى القول بكراهته.. أما الذين ذهبوا
إلى تحريمه فهم المالكية والشافعية والزيدية، وحجتهم في التحريم أن الله
سبحانه أمر بحفظ الفروج في كل الحالات، إلا بالنسبة للزوجة وملك اليمين،
فإذا تجاوز المرء هاتين الحالتين واستمنى كان من العادين المتجاوزين ما
أحل الله لهم إلى ما حرمه عليهم. يقول
الله سبحانه: "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى
أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ
مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْعَادُونَ" (المعارج 29 - 31).
وأما
الذين ذهبوا إلى التحريم في بعض الحالات، والوجوب في بعضها الآخر فهم
الأحناف، فقد قالوا: إنه يجب الاستمناء إذا خيف الوقوع في الزنا بدونه،
جريًا على قاعدة: ارتكاب أخف الضررين.. وقالوا: إنه يحرم إذا كان لاستجلاب
الشهوة وإثارتها، وقالوا: إنه لا بأس به إذا غلبت الشهوة، ولم يكن عنده
زوجة أو أمة واستمنى بقصد تسكينها.
وأما
الحنابلة فقالوا: إنه حرام، إلا إذا استمنى خوفًا على نفسه من الزنا، أو
خوفًا على صحته، ولم تكن له زوجة أو أمة، ولم يقدر على الزواج، فإنه لا
حرج عليه.
وأما ابن حزم فيرى أن الاستمناء مكروه ولا إثم
فيه؛ لأن مسّ الرجل ذكره بشماله مباح بإجماع الأمة كلها، وإذا كان مباحًا
فليس هنالك زيادة على المباح إلا التعمد لنزول المنى، فليس ذلك حرامًا
أصلا؛لقوله تعالى: "وَقَدْ فَصَّلَ
لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ" (الأنعام: 119).. وليس هذا مما فصّل لنا
تحريمه، فهو حلال لقوله تعالى: "خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا"
(البقرة:29).
وقال: وإنما كره الاستمناء؛ لأنه ليس من مكارم
الأخلاق ولا من الفضائل، وروى لنا أن الناس تكلموا في الاستمناء فكرهته
طائفة وأباحته أخرى، وممن كرهه ابن عمر وعطاء، وممن أباحه ابن عباس والحسن
وبعض كبار التابعين، وقال الحسن: "كانوا يفعلونه في المغازي" (انتهى كلام
الشيخ سيد سابق).
وورد في موسوعة الفقه الإسلامي المعاصر التي يرأس
تحريرها الدكتور عبد الحليم عويس (الجزء الثالث - دار الوفاء - الطبعة
الأولى 1426هـ - 2005م، صفحة 620، 621 في باب "مشكلات الجاليات الإسلامية
في ضوء الفقه الإسلامي" ما يلي:
"لا ينكر عاقل أن هذه العادة إنما
هي عادة مرذولة، وأنها مما تنفر منه الفطرة السليمة، وقد ذهب كثير من
العلماء إلى تحريم الاستمناء باليد، ولا شك أن هذا التحريم هو الأصل
خضوعًا لنداء الفطرة التي توجب وضع هذه الطاقة الغالية في مصارفها
الصحيحة، وأيضًا لما يفهمه العقل المسلم من قوله
تعالى: "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى
أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ
مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْعَادُونَ" (المؤمنون: 5 - 7)،فلا شك أن الآية تفيد أنه ما وراء الزوجة وملك اليمين حرام، والاستمناء باليد هو مما وراء ذلك.
وإلى
هذا الرأي ذهب الإمام مالك والجمهور، لكن الإمام أحمد بن حنبل اعتبر المني
فضلة من فضلات الجسم، فجاز إخراجه كالفصد وقد أيده في ذلك الإمام ابن حزم،
لكن فقهاء الحنابلة قيدوا هذا الجواز بأمرين:
الأول: خشية الوقوع في الزنا.
الثاني: عدم القدرة على الزواج.
ويرى
الدكتور يوسف القرضاوي، ويوافقه في ذلك الشيخ محمد الغزالي، والشيخ حسنين
مخلوف، والدكتور سعيد رمضان البوطي، رئيس قسم الفقه بجامعة دمشق والدكتور
عبد العزيز الخياط عميد كلية الشريعة بالجامعة الأردنية، والشيخ علي
الطنطاوي، وغيرهم، يرى كل هؤلاء أنه من الأولى الأخذ برأي الإمام أحمد بن
حنبل في حالات ثورات الغريزة وخشية الوقوع في الحرام.. كشاب يتعلم أو يعمل
غريبًا عن وطنه في أوروبا أو أمريكا أو غيرها، لا سيما أن أسباب الإغراء
أمامه كثيرة وهو يخشى على نفسه العنت، فلا جرم عليه أن يلجأ إلى هذه
الوسيلة (غير الطبيعية) يطفئ بها ثوران الغريزة على ألا يسرف فيها أو
يتخذها عادة.
وينصح هؤلاء الأساتذة الشباب الذين يتعرضون
لمثل هذه الحالات باللجوء إلى المراكز الإسلامية، والاندماج في أنشطتها
ومجتمعاتها الطيبة والإكثار من صوم أيام الإثنين والخميس، وغيرهما إذا
تهيأت لهم الفرصة (انتهى كلام الدكتور عبد الحليم عويس في موسوعة الفقه
الإسلامي